دكتور صيدلة
نحو رعاية صيدلانية مثلى
علاج النوع الأول من مرض السكري بدواء الإنسولين
ما هي الأدوية المستخدمة في علاج النوع الأول من مرض السكري (السكري المعتمد على الأنسولين)؟
يعتبر الأنسولين الدواء الرئيسي والوحيد في علاج النوع الأول من مرض السكري, لأن المصاب بهذا النوع يعاني من عدم قدرة البنكرياس لديه على إفراز الأنسولين وبالتالي فهو بحاجة ماسة لتعويض هذا الهرمون.
ما هو الأنسولين؟
الأنسولين هو هرمون ذو طبيعة بروتينية يتم إفرازه عن طريق خلايا بيتا الموجودة في البنكرياس وعادةً يقوم البنكرياس بصنع كميات كافية من الأنسولين تتناسب مع كمية الطعام التي يتم تناولها ومع عدد الخلايا الموجودة في جسم الإنسان, ويعمل الأنسولين كعمل البواب على باب كل خلية ليسمح للجلوكوز (سكر الدم) بالدخول إلى جوفها وهي بدورها تقوم بهضمه وحرقه للحصول على الطاقة اللازمة للقيام بوظائفها المتعددة. لذلك فإن عدم إفراز الأنسولين سوف يؤدي إلى تراكم جزيئات الجلوكوز بالدم وعدم دخولها إلى الخلايا وهذا هو الحال في النوع الأول من مرض السكري, أما في حالة وجود مقاومة من الجسم على الأنسولين فهنا لن تتمكن خلايا الجسم من الحصول على السكر على الرغم من وجود الأنسولين ويبقى السكر في الدم غير قادر على الدخول إلى الخلايا وبذلك ينتج النوع الثاني من السكري.
ما هي أنواع الأنسولين وبماذا تختلف فيما بينها؟
يتوافر دواء الأنسولين بعدة أنواع تختلف من حيث مظهرها (نقي أو عكر) ومن حيث خصائصها الحركية (سرعة فعاليتها, والفترة التي تدوم فيها الفعالية) .
أن بعض أنواع الأنسولين له مفعول قصير الأمد (3ساعات) وبعضها الآخر له مفعول طويل الأمد (يصل إلى 24 ساعة) وأخرى متوسطة المفعول (12ساعة), وليس هناك نوع معين يعتبر أفضل من البقية ولكن كل نوع له استخدامات خاصة في علاج مرض السكري والسيطرة عليه سنتحدث عنها لاحقاً.
كما نلاحظ أن أنواع الأنسولين تنقسم من حيث مظهرها الخارجي إلى مجموعتين:
1) أنواع ذات المظهر النقي: من الممكن إعطاء هذه الأنواع كحُقن تحت الجلد يتعلم المريض إعطاءها لنفسه أو يتولى أحد أفراد عائلته هذه المهمة, ولكن مظهرها المائي يُمكننا أيضاً من إعطائها عن طريق الوريد إلا أن هذا النوع من الحُقن يُعطى من قبل مختص بالمستشفى وفي الحالات الخطيرة فقط وهنا يجب التنويه بأن إعطاء أي من هذه الأنواع عبر الوريد يُفقدها خصائصها الحركية (مدة الفعالية, والوقت اللازم لبدء التأثير العلاجي) لتصبح جميعها تتمتع بنفس الخصائص حيت يبدأ التأثير العلاجي لأي منها خلال دقائق ويستمر لمدة لا تزيد عن ساعة لذلك يفضل دائماً إعطاء الأنسولين الطبيعي (قصير المفعول) عبر الوريد لأنه سيعطي نفس النتيجة وبتكلفة أقل.
2) أنواع ذات المظهر العكر (غائم): تُؤخذ هذه الأنواع من الأنسولين عن طريق حُقن تعطى تحت الجلد يتعلم المريض إعطائها لنفسه أو يقوم أحد أفراد عائلته بإعطائها له, ولا يمكن إعطاء الأنسولين ذو المظهر الغائم عن طريق الوريد وإنما يُعطى فقط تحت الجلد.
كيف يتم استخدام الأنواع المختلفة من الأنسولين للسيطرة على مستوى السكر بالدم؟
يعتقد بعض مرضى السكري بأن تناول السكر بكافة أشكاله هو السبب الوحيد لارتفاع مستوى الجلوكوز (سكر الدم) وبالتالي فإن امتناعهم عن تناول السكر سوف ينهي المشكلة, إلا أن الأمور ليست بتلك البساطة حيث من المستحيل أن يمتنع المريض عن تناول السكر لأن معظم الأطعمة تحتوي على ما يعرف بالكربوهيدرات والذي يتم تحطيمه داخل الجسم للحصول على جزيئات السكر كما أن السكر عنصر ضروري للجسم لذلك حتى عند الامتناع عن تناول الطعام - أثناء الصيام مثلاً- يقوم الكبد بتصنيع السكر لتزويد الجسم بهذا العنصر.
وبالتالي يرتفع مستوى السكر بالدم لدى المصابين بمرض السكري بعد الوجبات مباشره وهنا يكون الارتفاع سريع وبمقدار عالي وهو ناتج عن السكر الذي تم تناوله أثناء الوجبة ويرتفع أيضاً في الفترة الفاصلة بين الوجبات وأثناء الليل وهنا مقدار الارتفاع يكون أقل وهو ناتج عن السكر الذي يتم تصنيعه بشكل غير منتظم من قبل الكبد - خاصة أثناء الليل- وجزء من هذا الارتفاع ناتج عن المقدار القليل من السكر الذي تبقى من الوجبات.
مما سبق يتضح بأن علاج المرضى المصابين بالنوع الأول من السكري عن طريق الأنسولين يهدف إلى تخفيض مستوى السكر المرتفع سواء بعد الوجبات (عن طريق استخدام الأنسولين سريع المفعول أو قصير المفعول) أو في الفترة الفاصلة بين الوجبات وأثناء الليل (عن طريق استخدام الأنسولين متوسط المفعول أو طويل المفعول) ويتم ذلك بإحدى طريقتين وهما:
1) الطريقة الأولى: استخدام حُقن من الأنسولين المخلوط, أو ما يعرف بالمكستارد (Mixtard Insulin), وهي الأكثر استخداماً في الأردن حيث يتم إعطاء المريض حقنتين يومياً وتحتوى الحقنة الواحدة على نوعين من الأنسولين, أنسولين سريع المفعول وأنسولين متوسط المفعول, يأخذ المريض الحقنة الأولى قبل وجبة الفطور بخمسة عشر دقيقة وبعد تناول الوجبة يبدأ الأنسولين سريع المفعول بالعمل مباشرة ويقوم بمنع ارتفاع مستوى السكر الناتج عن تناول الوجبة بينما يقوم الأنسولين متوسط المفعول بمنع ارتفاع مستوى السكر في الفترات الواقعة بين وجبة الفطور والغداء وبين وجبة الغداء والعشاء نظراً إلى أن مفعوله يدوم لمدة 12 ساعة, كما يمنح الأنسولين متوسط المفعول أعلى فعاليه له بعد 6 ساعات من إعطائه وهو الوقت الذي يتم فيه تناول وجبة الغداء وبالتالي يتم منع ارتفاع السكر الناتج عن تناول وجبة الغداء عن طريق الأنسولين متوسط المفعول. أما الحقنة الأخرى فيتم إعطائها قبل وجبة العشاء بخمسة عشر دقيقة وبنفس الأسلوب يقوم الأنسولين سريع المفعول بمنع ارتفاع مستوى السكر الناتج عن تناول وجبة العشاء بينما يقوم الأنسولين متوسط المفعول بمنع ارتفاع السكر بالدم طوال الليل وحتى موعد أخذ الحقنة في اليوم التالي, وتعتبر هذه الطريقة فعالة جداً في المحافظة على مستوى السكر بالدم ضمن الحدود الطبيعية طوال اليوم إلا أن إتباعها يجبر المريض على تناول ثلاث وجبات يومياً وبأوقات محدده.
2) الطريقة الثانية: وهي تمكن المريض من تناول وجباته في الوقت الذي يشاء أو حتى عدم تناول بعضها إن أراد, إلا أن عدد الحُقن التي يجب أن يأخذها المريض يزداد إلى أربعة حُقن يومياً, حيث يأخذ المريض حقنة من الأنسولين سريع المفعول قبل ربع ساعة من كل وجبة يتناولها وذلك لمنع ارتفاع السكر الناتج عن تناول الوجبة الغذائية, وبالتالي فإن المريض سيأخذ حقنة قبل وجبة الإفطار وحقنة قبل وجبة الغداء وحقنة قبل وجبة العشاء وفيما إذا أراد المريض عدم تناول أي من هذه الوجبات فيجب أن لا يأخذ الحقنة المرافقة لها, أما الحقنة الرابعة فهي عبارة عن أنسولين طويل المفعول والذي تدوم فعاليته لمدة 24 ساعة والهدف من إعطائها وهو منع ارتفاع مستوى السكر بالدم أثناء الليل وفي الفترات الزمنية الفاصلة بين الوجبات و يتم أخذها في أي وقت يناسب المريض على أن يتم إعطائها بنفس هذا الوقت كل يوم.
إعداد: د. زينب يحيى الصبح / دكتور صيدلة
بإشراف: د. ساير العزام
حملة دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى