دكتور صيدلة
نحو رعاية صيدلانية مثلى
العلاج الدوائي وغير الدوائي لمرض ارتفاع ضغط الدم
يعد مرض ارتفاع ضغط من الأمراض المنتشرة في المجتمع الأردني، وعلى الرغم من عدم وجود أعراض تصاحب المرض عند معظم المرضى، إلا أن عدم علاج المرض سوف يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على المدى البعيد، مثل الجلطات والذبحات الصدرية وتصلب الشرايين وتضخم القلب وغيرها الكثير. يعتمد العلاج الأمثل لضغط الدم المرتفع على أسلوبين رئيسيين، ويجب استخدامهما معاً للحصول على أفضل النتائج العلاجية فأحدهما لا يغني عن الآخر:
أولاً_ العلاج الدوائي : يوجد العديد من الأدوية لعلاج ارتفاع الضغط، لكل منها طريقة عمل وخصائص وأعراض جانبية مختلفة، لذلك يعتمد اختيار الدواء الأمثل على حالة كل مريض والأمراض التي يعاني منها، ويجد الإشارة إلى أن المريض سيحتاج إلى استخدام دوائيين أو أكثر للعلاج إذا كان ضغط الدم لديه أكثر أو يساوي 160/100 ملمتر زئبقي، نذكر من هذه الأدوية:
1. مدرات البول من مجموعة الثيازيد (Thiazide Diuretics) : تعتبر من الأدوية الرئيسية التي يمكن استخدامها كخيار أول للعلاج خاصة في حالات ارتفاع الضغط، ويفضل تناول هذه الأدوية في ساعات الصباح لتجنب الذهاب المتكرر لدورة المياة أثناء النوم، وإذا تتطلب أخذ حبتين في اليوم يمكن تناول الحبة الثانية بعد العصر أو قبل حلول المساء. من الأمثلة على هذه الأدوية :
(Hydrochorothiazide, Indapamide, Chlorothalidone, Metalozone)
2. مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين الثاني (ACE Inhibitors) : تعد أيضاً من الأدوية الرئيسية التي تستخدم كخيار أول في العلاج، ولها فوائد أخرى علاوةً على تخفيض ضغط الدم فهي تحمي القلب والكلى وتقلل من تطور أي مرض فيهما، لذلك يجب أن تكون أحد الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم عند الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري أو قصور وظائف الكلى أو ضعف عضلة القلب أو وجود تاريخ مرضي بالجلطات الدماغية أو الذبحات الصدرية. والجدير بالذكر أن هذه الأدوية قد تسبب حدوث سعال جاف عند بعض المرضى، كما قد تحدث ارتفاع في مستوى البوتاسيوم والكرياتنين في الجسم لذلك يجب إجراء فحص لمستوى البوتاسيوم ولوظائف الكلى قبل البدء بالعلاج وبشكل دوري بعد ذلك حسب ارشادات الطبيب. من الأمثلة على هذه الأدوية:
(Lisinopril, Enalapril, Ramipril) وغيرها.
3. محصرات مستقبلات الأنجيوتنسن Angiotensin Receptor Blocker) ) : تشبه هذه العائلة من الأدوية العائلة السابقة في فعالياتها وفوائدها، لذلك يمكن استخدامها كخيار ثانوي في حال تعذر استخدام مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين الثاني بسبب حدوث السعال أو غيره، حيث تحدث هذه الأدوية السعال بسبة أقل بكثير وبسبب غلاء سعرها يفضل استخدامها كخيار ثانوي بعد تجربة مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين. تسبب هذه الأدوية أيضاً ارتفاع في مستوى البوتاسيوم والكرياتنين في الجسم لذلك يجب إجراء فحص لمستوى البوتاسيوم ولوظائف الكلى قبل البدء بالعلاج وبشكل دوري بعد ذلك حسب ارشادات الطبيب. من الأمثلة على هذه الأدوية:
(Valsartan, Candesartan, Losartan) وغيرها.
4. محصرات قنوات الكالسيوم (Calcium Channel Blockers) : تعد أيضاً من الأدوية التي تستخدم كخيار أول في العلاج وخصوصاً إذا كان المريض لا يعاني من أي أمراض أخرى، وأيضاً يفضل استخدامه عند كبار السن. تنقسم هذه العائلة من الادوية إلى قسمين يختلفان في آلية عملهم والأعراض الجانبية التي تحدثها، بعض هذه الأدوية قد تسبب الإمساك أو تباطئ في ضربات القلب مثل (Verapamil, Diltiazem)، وبعضها تعمل على توسيع الشرايين والأوردة وتسبب زيادة في ضربات القلب أو انخفاض في الضغط أو تجمع سوائل في القدمين، مثل : ((Amlodipine, Felodipine, Nifedipine.
5. محصرات مستقبلات بيتا (Beta blockers) : لا تعتبر من الأدوية التي تستخدم كخيار أول في العلاج، لذلك يمكن استخدامها مع الأدوية السابقة إذا كانت غير كافية للسيطرة على ضغط الدم. في المقابل تصبح هذه الأدوية خيار أول في العلاج ويجب استخدامها إذا كان المريض يعاني من ضعف في عضلة القلب أو تصلب في الشرايين التاجية أو لديه تاريخ للإصابة بالذبحات الصدرية، وذلك بسبب قدرة هذه الأدوية على التخفيض ضربات القلب وكمية الأكسجين التي يحتاجها، وبالتالي إراحة القلب ومنع حدوث تغيرات غير طبيعيه في تركيبته أو حدوث تضخم في عضلة القلب. قد تسبب هذه الأدوية تباطؤ ضربات القلب, أو دوخة, أو برودة في الأطراف، ولا يجوز التوقف عن أخذها بشكل مفاجئ فهذا يؤدي إلى ارتفاع كبير ومفاجئ في ضغط الدم قد يؤدي إلى حدوث ذبحة صدريه أو جلطة دماغية وقد تكون مميتة في بعض الأحيان. من الأمثلة على هذه الأدوية: (Atenolol, Metoprolol, Bisoprolol) وغيرها.
بهذا نكون قد ذكرنا أهم الأدوية المستخدمة في علاج ضغط الدم المرتفع، ولكن الأدوية المتاحة لا تقتصر عليها فقط، فهناك العديد من الأدوية الأخرى التي يمكن استخدامها في حالات معينة حسب ما يراه الطبيب مناسباً. من أهم النصائح التي نوجهها لمرضى ارتفاع الضغط أن الأدوية المستخدمة في العلاج بكافة أنواعها قد تسبب انخفاض في ضغط الدم، لذلك يتوجب على المريض أن يتحرك ببطئ وأن لا يغير من وضعية الجسم بشكل مفاجئ حتى لا تشعر بالدوخة أو عدم القدرة على التوازن، فمثلاً يجب النهوض من النوم بالجلوس على السرير قليلاً، ومن ثم النهوض بشكل كامل، وكذلك الأمر عند الانتقال من وضعية الجلوس إلى وضعية القيام.
ثانياً_ العلاج غير الدوائي : يشتمل على تغيير نمط الحياة وإتباع نظام غذائي صحي وتجنب الممارسات الخاطئة التي تعمل على رفع ضغط الدم. ويجدر الذكر أن هذا النوع من العلاج لا يعد كافياً للسيطرة على المرض وإنما يساعد على تخفيض ضغط الدم والتقليل من عدد الأدوية اللازمة للعلاج. أما في علاج حالة ما قبل ارتفاع الضغط فمن الممكن الاعتماد على العلاج غير الدوائي للسيطرة على ضغط الدم ومنع تطوره إلى مرض ارتفاع الضغط دون الحاجة لتناول الأدوية. من الممارسات الصحية والنظام الغذائي الذي يجب اتباعه لعلاج مرض ارتفاع الضغط نذكر ما يلي :
1. الحد من كميات الصوديوم المستهلكة، عن طريق التقليل من تناول ملح الطعام (صوديوم كلورايد)، حيث أن الكمية الكلية المسموح بتناولها يجب أن لا تتجاوز 3.8 غرام في اليوم، والالتزام بهذا الحد يقلل ضغط الدم الانقباضي بمعدل 2-8 ملمتر زئبقي. لذلك ينصح بعدم إضافة الملح بشكل مبالغ فيه على الأكل، والابتعاد عن تناول المنتجات الغذائية الغنية بالصوديوم كالوجبات السريعة والجاهزة والصلصات والماجي والمعلبات والمنتجات المحفوظة والجبنة البيضاء والشنينه والمخللات والشبس والبسكويت المملح والمكسرات وغيرها. وينصح دائماً بقراءة مكونات أي منتج غذائي قبل تناوله لمعرفة كمية الصوديوم الموجودة فيه، والانتباه أيضاً لمكونات أي دواء يتم استخدامه فبعض الأدوية تحتوي على الصوديوم ويفضل تجنبها أو استخدام بديل لها بعد استشارة الطبيب.
2. إتباع نظام غذائي صحي فهذا يساعد على تقليل ضغط الدم الانقباضي بمعدل 8-14 ملمتر زئبقي. يقصد بالغذاء الصحي الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف كالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة ومشتقات الحليب قليلة الدسم، وفي نفس الوقت ينصح بالتقليل من الأطعمة الدسمة والغنية بالدهون والكولسترول.
3. التقليل من الوزن الزائد، فحتى فقدان 2-3 كيلوغرام من الوزن سيساعد على تخفيض ضغط الدم المرتفع، وتبين أيضاً أن فقدان كل 10 كيلو غرام من الوزن سيعمل على تخفيض ضغط الدم الانقباضي بمعدل 5-20 ملمتر زئبقي.
4. ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم فهي تساعد على تخفيض الضغط والتقليل من الوزن أيضاً، ويفضل عمل التمارين الهوائية كالمشي أو الجري أو السباحة أو ركوب الدراجة الهوائية لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، وهي ستساعد على تخفيض ضغط الدم الانقباضي بمعدل 4-9 ملمتر زئبقي.
5. الاقلاع عن التدخين وشرب السجائر أو الأرقيلة، فهي تحتوى على مواد ضارة ومسرطنه، وتزيد من احتمالية حدوث المضاعفات التي قد يسببها مرض ارتفاع الضغط كأمراض القلب وتصلب الشرايين. ويجد بالذكر أن هناك العديد من الوسائل والأدوية المتاحة لمساعدة المدخن على ترك السجائر ومن الممكن مراجعة أحد المراكز الصحية لطلب المساعدة.
6. الامتناع أو التقليل من شرب الكحول، وتجنب بعض المأكولات أو المشروبات التي قد تزيد من ارتفاع ضغط الدم كالقهوة والشاي والنسكافية والكاوكاو فجميعها تحتوي على مادة الكافيين التي تزيد من ضغط الدم. كما ينصح بعدم تناول شراب العرق سوس الذي يعمل على رفع ضغط الدم أيضاً. من ناحية أخرى يمكن للمريض تناول 2-3 فصوص من الثوم الطازج يومياً أو شراء أحد منتجاته من الصيدليات، فبعض الدراسات أظهرت أن للثوم فوائد عدة في التقليل من ضغط الدم والكلسترول وغيرها.
7. تجنب المواقف والأماكن والحالات التي قد تسبب التوتر أو القلق أو الخوف للمريض، كما ينصح بعمل تمارين الارتخاء كالتنفس بشكل عميق وبطيء وغيرها، والحصول على كمية كافية من النوم والراحة.
8. مراجعة الطبيب بشكل متكرر، للاطمئنان على حالة المريض وفحص ضغطه وإجراء الفحوصات المخبرية للازمة لاكتشاف حدوث أي مضاعفات للمرض أو أعراض جانبية للأدوية وإجراء التعديلات اللزمة تحت إشراف الطبيب.
إعداد: رؤى وليد جرادات/ دكتور صيدلة
إشراف: د. زينب يحيى الصبح
حملة " دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى "