top of page
 
الفصام ليس تعدد بالشخصيات

 

 

الفصام أو ما يعرف بالشيزوفرينيا ((schizophrenia, مصطلح من أصل إغريقي ويتكون من جزأين: schizo  وتعني "انقسام" و phrenia وتعني "العقل" أي انقسام العقل, بمعنى انفصال العقل عن الواقع, وهو مرض نفسي مزمن يصيب كلا الجنسين, ويجب التنويه على أنه يختلف عن ما يسمى بـ (تعدد الشخصيات), حيث أن الفصام يتمثل بشكل عام بضعف أو عدم الترابط في الأفكار والسلوكيات, قلة التركيز, وفي معظم الحالات يعاني مريض الفصام من هلاوس وأوهام.
 

يظهر مرض الفصام عادة في آخر مرحلة المراهقة وبداية مرحلة البلوغ إلّا أنه من الممكن أن يصيب الشخص في أي مرحلة من مراحل حياته, ومن الجدير بالذكر أنّ معدّل انتشاره في جميع دول العالم متساوي وهو1%. من أشهر حالات الإصابة بمرض الفصام كانت لـ عالم الرياضيات(John Forbes Nash) الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد, و قد تم إنتاج فيلم عنه بعنوان "Beautiful mind".


أنواع الفصام:
1.الفصام الضلالي (paranoid schizophrenia): هو أكثر الأنواع شيوعاً, حيث أنّ المريض في هذا النوع يعاني من هلاوس (سمعية, بصرية, شمّية, حسّية) وضلالات, وربما يتمثل هذا النوع في بعض الحالات بشعور المريض بأنه مضطهد من قبل أشخاص أو منظمة معينة وأن هناك من يتآمر عليه أو يقرأ أفكاره ويحاول إيذاءه أو يسيطر عليه وعلى تفكيره, وفي حالات أخرى يتمثل بـ "جنون العظمة".

2.الفصام غير المنتظم(Disorganized schizophrenia): يتمثل سلوك المريض في هذا النوع بعدم انتظام في التفكير والسلوك وردود الأفعال، كالتالي:
 -التفكير غير المنتظم
; يتحدث بطريقة من الصعب فهمها لافتقاده القدرة على تنظيم أفكاره, وأحيانا ينتقل من موضوع لآخر بشكل عشوائي دون وجود أي رابط بينهم.
 -السلوك وردود الأفعال غير المنتظمة ;فقدان النشاط والقدرة على القيام بأي مهام حتى الأساسية منها, مما ينعكس على مظهره الخارجي, فيهمل نظافته الشخصية ومظهره. أمّا بالنسبة للعاطفة لديهم; فتكون متقلّبة أو سطحية أو شبه معدومة أي" تبلّد" في المشاعر, وأحيانا لا تتناسب مع الموقف.

3.الفصام غير المتمايز(Undifferentiated schizophrenia): يعاني المريض في هذا النوع من عدة أعراض من جميع أنواع الفصام ولكنّها غير كافية لتصنيف المريض إلى نوع واحد محدد.

4.الفصام المتبقي(Residual schizophrenia):المريض تعرّض سابقاً لحالة من حالات الفصام لمرة واحدة على الأقل وعالجها ولكن أثرها لا زال موجود, أي لديه بعض الأعراض ولكنها ليست بشكل قوي وواضح كما قبل العلاج.     


 أسباب الفصام
1.الوراثة: وجود مرض الفصام عند أحد الأقارب من الدرجة الأولى (أحد الوالدين, أخ, أخت) تزيد من نسبة الإصابة بالمرض إلى10%, والأقارب من الدرجة الثانية (الأخوال, الأعمام, الجدود, أولاد الأخوال والأعمام) أيضا نسبة إصابتهم أكثر من غيرهم, أما بالنسبة للتوأم المتماثل  فإن كان أحدهم مصاب بالمرض فذلك يزيد من نسبة إصابة الآخر بنسبة50-60 %, والتوأم غير المتماثل; نسبة إصابة الآخر تكون كبيرة ولكن أقل من التوأم المتماثل.
2.سبب بيولوجي: خلل في كيمياء الدماغ; الدوبامين والسيروتونين والجلوتاميت(أهم النواقل العصبية), وذلك بـزيادة الدوبامين ونقصانه أو زيادة السيروتونين أو نقصان الجلوتاميت.
3.ضغوطات نفسية: كالحرمان, خسارة, فشل, صدمة عاطفية وغيرها.
4.الإفراط أو سوء استخدام بعض العقاقير (كوكايين, أمفيتامينات, ...): كمواد تساعد على التخلص من القلق, الملل, إضافة إلى استخدام نبات"القنب" أو ما يسمى بالـ"ماريجوانا:الحشيش",  لما يحويه من مواد مهلوسة.


الأعراض
تنقسم إلى قسمين(إيجابية وسلبية), وفي حال استمرّت الأعراض إلى 6أشهر فأكثر فإنه يتم تشخيص المريض على أنه مصاب بالفصام.

 

الأعراض الإيجابية: تستجيب للأدوية بشكل أفضل من الأعراض السلبية وتتمثل بالآتي:
أوهام, هلاوس,اضطراب في الكلام, اضطراب في السلوك(هيجان/عدوانية, تصلب المريض وعدم تحركه لفترة طويلة مع الامتناع عن الحديث أحيانا).

 

الأعراض السلبية:استجابتها للأدوية أقل من الأعراض الإيجابية وتتطلب فترة أطول لتستجيب لها, وتتمثل بالآتي:
قلة الكلام, فقدان الإرادة والهمّة, سطحية المشاعر وتبّلدها, انعدام التلذذ والمتعة, الانعزال, إهمال النظافة الشخصية والمظهر الخارجي وبعض النشاطات السابقة.


العوامل التي تزيد من نسبة الإصابة بالفصام:
1.الوراثة.
2.مواليد فصل الشتاء/ المناطق الباردة;
بسبب نقصان فيتامين"د".
3.سوء التغذية قبل الولادة: لعدم حصول الأم على كمية كافية من حمض الفوليك المهم للعمليات البيولوجية, مسبباً تشوهات جينية تنتج عنها اضطرابات عقلية.
4.عمر الأب(أكثر من50)عند ولادة الطفل, حيث أنه مع تقدم العمر تزيدة فرصة تشوه الحيوانات المنوية, لما في ذلك من تأثير على العمليات البيولوجية وبالتالي تشوهات وخلل في نمو دماغ الجنين.


الـعـلاج
 *قبل البدء بالعلاج لابد من القيام بالإجراءات التالية:
-تخطيط دماغ.
-تخطيط قلب.
-أخذ التاريخ المرضي للعائلة.
-مقابلة نفسية للتشخيص.
-بعض الفحوصات المخبرية.

 

*يتطلب العلاج الدمج ما بين العلاج النفسي والأسري والاجتماعي والعلاج الدوائي, وفي بعض الحالات نلجأ للعلاج بالصعقات الكهربائية(ECT),إضافة إلى عدم إهمال الرعاية الطبية لبعض الحالات المرضية.  

1.العلاج النفسي والاجتماعي :
 - علاقة المريض مع الطبيب: بإجراء جلسات عدّة مع الطبيب يتم فيها إجراء الاحاديث فيما بينهم بينما يحاول الطبيب التقرب من المريض ليفهم ما يمر به ويحدث له وربما خلال تلك الجلسات يكشف المريض عن بعض الأمور و التي من الممكن أن تكون سبب المرض.
- علاقة المريض بأسرته: يجب أن تكون علاقة ودّية, وذلك بتقديم الدعم المعنوي له والإهتمام به والتقرب منه ومراعاة ما يمر به, وزيادة مهارات التواصل لديه وتدريبه على اكتساب بعض المهارات, لما في ذلك من زيادة ثقة المريض بنفسه, حيث أنه يبدأ يشعر بأنه إنسان ناجح وذو قيمة, مما يقلل من حدة الأعراض.
- يجب التنويه, على أفراد أسرة المريض ألّا يبالغوا في الإهتمام به بشكل ملحوظ يشعر به المريض بشفقتهم عليه لأنه بنظرهم "مريض" بينما ما يدركه هو انه إنسان طبيعي.

 

- من المهم جدا عدم إنكار أي شيء يحدث مع المريض من أوهام وهلاوس, وإنما التغاضي عنها ومداراته ومن ثم إخبار الطبيب بذلك لمناقشة أمور كهذه بطريقته.

2.العلاج الدوائي:
-يتمثل في مرحلتين:
الأولى لعلاج الأعراض الحادّة(الإيجابية), الثانية هي مرحلة الحفاظ على وضع المريض بعد تحسّنه بتقليل الجرعات تدريجيا للسيطرة على الأعراض ومنع الانتكاس.

 

-الأدوية المستخدمة هي "مضادات الذهان (مضادات الدوبامين)", ويتم اختيارها بناءً على عدة عوامل:
(حالة المريض, مخاطرها, منافعها, تكلفتها, طريقة الاستخدام المناسبة للمريض).

 

- مضادات الذهان أو الدوبامين تتواجد بنوعين: الأدوية التقليدية (الجيل الأول) وهي أدوية فعّالة ولكن لها آثار جانبية مزعجة لدى بعض المرضى, مما أدّى إلى تطويرها وإنتاج النوع الثاني وهي الأدوية غير التقليدية (الجيل الثاني).
أهم الأدوية التقليدية (الجيل الأول):* الاسم التجاري للدواء يوجد بين قوسين.
1.Chlorpromazine (thorazine) .
2.Haloperidol (Haldol).
3.Perphenazine (Etrafon,Trilafon) .
4. Fluphenazine (Prolixine).

أهم الأعراض الجانبية للأدوية التقليدية:

-الأعراض خارج الهرمية (Extrapyramidal symptoms) وتتضمن:
1.أعراض مشابهة لمرض الرعاش(رجفة, بطء في الحركة): تظهر عند البدء باستخدام الأدوية (في الأيام أو الأسابيع الأولى), وتخف حدّتها عند الانقطاع عن استخدام الدواء.
2.خلل الحركة المتأخر(tradive dyskinesia): وهي حركات لا إرادية (في الوجه, الشفاه, اللسان, الجذع), ناتجة عن استخدام مضادات الذهان لفترة طويلة.
3.تعذر الجلوس.
4.تشنجات وتقلصات في العضلات.

أهم الأدوية غير التقليدية(الجيل الثاني):
1.Clozapine:
من أكثر الأدوية فعالية, خاصة للذين لم يستجيبوا للأدوية الأخرى, ولكن من آثاره الجانبية في بعض الأحيان هو نقصان في عدد خلايا الدم البيضاء, لذلك على المريض إجراء فحص لمستوى خلايا الدم البيضاء بشكل روتيني (1–2كل أسبوع).
2.Resperidone (Risperdal).
3.Olanzapine (Zyprexa).
4.Quetiapine (Seroquel).
5.Ziprasidone (Geodon).
6.ِAripiprazole (Abilify).
7.Paliperidone (Invega).

أهم الآثار الجانبية للأدوية غير التقليدية:

قد تظهر تلك الأعراض عند البدء في العلاج, لكنها تزول بعد أيّام قليلة, وعلى من يأخذ هذه الأدوية أن يتجنب القيادة إلى أن تستقر حالته, ومن هذه الأعراض ما يلي :
1.النعاس.                                                     
2.الدوخة (عند التنقل من مكان لآخر).                 
3.ضعف في النظر(غشاوة على عدسة العين).      
4.اضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء.
5.زيادة الوزن.
6.ارتفاع في الكوليستيرول وسكر الدم, مما قد يؤدي للإصابة بمرض السكري, لذلك على المريض قياس الوزن و فحص سكر الدم والدهنيات بشكل دوري.
7.طفح جلدي.

أهم الملاحظات بالنسبة للعلاج الدوائي:

-في بداية العلاج, تبدأ الأعراض الحادّة كالهلاوس والهيجان أو العدوانية بالاختفاء خلال الأيام الأولى, أمّا الأوهام تحتاج إلى عدّة أسابيع, وبشكل عام يشعر معظم المرضى بتحسّن ملموس بعد 6 أسابيع من العلاج.
-الاستجابة للدواء تختلف من مريض لآخر, ومن الممكن أن يضطّر المريض لاستخدام عدة أدوية وبجرعات مختلفة حتى يتمكن الطبيب من تحديد الدواء المناسب وبجرعة مناسبة.
-التوقف عن العلاج فجأة أو عدم الالتزام به يؤدي إلى الانتكاس وقد يعاني من بعض الآثار الجانبية, لذلك على المريض الّا يتوقف عن العلاج حتى لو شعر بتحسن إلاّ بإذن من الطبيب وبشكل تدريجي.
-على المريض إخبار الطبيب بجميع الأدوية التي يتناولها بالتزامن مع أدوية الفصام, حتى المكملات الغذائية, بالإضافة إلى الكحول.
 
3.العلاج بالصعقات الكهربائية(ECT):وهي عملية تمرير تيّار كهربائي عبر خلايا دماغ المريض وهو تحت تأثير المخدّر, والذي قد يُحدِث تغيّر في كيمياء الدماغ لما في ذلك من معالجة أعراض الأمراض العقلية والنفسية.

 

الحالات التي تستخدم فيها الصعقات الكهربائية:
1.المرأة الحامل (فالأدوية تؤثر على صحة الجنين).
2.عدم الاستجابة للعلاج الدوائي.
3.الحالات المستعصية التي لا يمكن فيها انتظار الأدوية حتى تعطي مفعولها (خوفا من المريض على نفسه بالانتحار مثلا, وخوفا من المريض على الآخرين).
4.الحالات التي يكون بها المريض غير قادر على الالتزام بالدواء بالشكل الصحيح.


-أهم الآثار الجانبية للصعقات الكهربائية: فقدان الذاكرة  قصيرة الأمد, وتتمثل في نسيان أحداث جرت قبل العملية بأيام أو أسابيع أو لأحداث بعد العملية, ولكن يبقى تأثيرها لفترة قصيرة(1-2 أسبوع) أو أقل من شهر.
-موانع العلاج بالصعقات الكهربائية: في حالة ارتفاع الضغط الداخلي للدماغ كما في"ورم الدماغ".

 

 

 

إعداد: غيداء ثائر عبيدات/ دكتور صيدلة
إشراف: د. خولة نصير
حملة "دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى"

 

Please reload

bottom of page