top of page
 
السرطان: التشخيص والعلاج

 

 

السرطان (cancer) هو مصطلح عام يشمل مجموعة من الأمراض التي تصيب خلايا الجسم المختلفة بحيث تتسبب في تحويل الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية. وتتميز الخلايا السرطانية بالعدائية، وبقدرتها على الانقسام المستمر بشكل غير مبرر أو مسيطر عليه، كما تستطيع الخلايا السرطانية غزو أنسجة الجسم الأخرى المجاورة لها أو البعيدة عنها بعملية تدعى " النقيلة "، والتي غالبا ما تكون نتيجتها تدمير تلك الأنسجة وإفقادها وظائفها الفسيولوجية وتحويلها إلى خلايا سرطانية.

 

أكثر أنواع السرطان انتشاراً:

ويعّد السرطان من أهم الأمراض التي تتم دراستها حاليا إذ أنه يعتبر ثاني سبب للوفاة في العالم بعد أمراض القلب والشرايين. وحسب أخر  الإحصائيات لمنظمة الصحة العالمية فأن إجمالي عدد الحالات الجديدة للإصابة بمرض السرطان عام 2008 بلغت نحو ( 12.7 ) مليون حالة، فيما بلغت حالات الوفيات نتيجة الإصابة بالسرطان نحو ( 7.6 ) مليون حالة. أّما في الأردن وحسب إحصائيات السجل الوطني للسرطان فان عدد حالات الإصابة عام 2008 بلغت 6880 حالة. ويعد سرطان الرئة وسرطان الثدي ، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية ، أكثر أنواع الأورام السرطانية انتشاراً على مستوى العالم. أما في الأردن فان سرطان الثدي هو أكثر السرطانات شيوعا بين النساء حيث يشخص حوالي 900 حالة سنوياً وذلك حسب إحصائيات السجل الوطني للسرطان, ويليه سرطان القولون والذي يعتبر أكثر السرطانات شيوعا بين الرجال ويليه سرطان الرئة ثم سرطان الدم.

 

كيفية الإصابة بالسرطان:

يمكن للسرطان أن يصيب الفئات العمرية المختلفة ابتداءً بمرحلة تكوين الأجنة مروراً بمرحلة الطفولة والشباب وانتهاء بمرحلة البلوغ التّام.

 

ولكن تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان والتي تشمل:

1- التقدم بالعمر، حيث تزداد احتمالية الإصابة بالسرطان مع زيادة السن.

2-  العوامل البيئية: كالتعرض إلى مواد كيميائية مسرطنة، أو التعرض للإشعاعات ونواتج المواد الصناعية.

3- العادات السلوكية الضّارة: كالتدخين وشرب الكحول.

4- الإصابة  ببعض الأمراض المعدية كالإصابة بأنواع معينة من الفيروسات.
 

غالبا ما تؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى تحويل الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية، وذلك لما تؤديه هذه العوامل من تغيّرات في المادة الوراثية (الحمض النووي) للخلايا بحيث تشجع على حدوث ما يعرف بالطفرات، والتي تؤدي بدورها إلى تنشيط الجينات الورمية التي تكسب الخلايا صفاتها السرطانية.

 

أعراض الإصابة بالسرطان:

عادة ما توصف أعراض الإصابة بالسرطان بأنها غير مميزة أو غير داله عليه، وهي تختلف عادةً باختلاف العضو أو النسيج المصاب. ومن الممكن تقسيم هذه الأعراض إلى ثلاثة أقسام تشمل:

1-  الأعراض الموضعية: وهي عبارة عن نمو كتلة غير طبيعية قد يصاحبها نزيف وألم وتقرحات.

2- الأعراض النقلية: وعادةً ما تدل على انتشار السرطان إلى مناطق معينة من الجسم وتشمل هذه الأعراض زيادة في عدد الغدد الليمفاوية، وآلام في العظام، وتضخم في الكبد، بالإضافة إلى سعال ونفث الدم من الفم، وغيرها من الأعراض والتي تختلف باختلاف الأنسجة التي انتشر لها السرطان.

3- الأعراض العامة: والتي تظهر على الجسد كله كانخفاض واضح في الوزن، وفقدان الشهية، والتعب العام، والتعرق أثناء الليل، وفقر الدم.

 

تشخيص الإصابة بمرض السرطان:

لا يمكن الاعتماد في تشخيص الإصابة بالسرطان على الأعراض وحدها، حيث أن تشخيص الإصابة بشكل نهائي يتم عادةً بالفحص الذي يجريه أخصائي الأنسجة، والذي يشمل عدة فحوصات  لتأكيد وجود المرض, وتتضمن هذه الفحوصات فحص الدم، وفحص عينة من الخلايا الورمية تؤخذ من المريض عبر الجراحة (الخزعة), بالإضافة إلى الكشف عن وجود بعض المواد الدالة على وجود السرطان، وهي عبارة عن مواد تفرزها الخلايا السرطانية، أو تفرزها الخلايا الطبيعية استجابة لوجود السرطان، وتساعد هذه المواد أحياناً في تحديد نوع السرطان ودرجة نموه.

 

الأهداف المرجوة من معالجة مرض السرطان:

يهدف العلاج عادةً إلى إقصاء المرض تماماً من الجسم دون الإضرار بالخلايا السليمة، وغالبا ما يتم تحقيق هذا الهدف من خلال الجراحة الاستئصالية للورم, ولكن لما تتصف به الخلايا السرطانية من قدرتها على غزو الأنسجة الأخرى القريبة منها والبعيدة, وبما أنه غالبا ما تكون عملية تشخيص المرض متأخرة، فإن هذا يعطي السرطان فرصة أكبر للانتشار إلى مناطق مختلفة من الجسم، مما يحد من إمكانية التخلص من المرض بشكل نهائي، ليصبح الهدف من العلاج محاولة التخفيف من تطور المرض وانتشاره، أو حتى التخفيف من معانات المريض والتقليل من الأعراض التي يشعر بها.

 

الآليات المستخدمة في علاج السرطان:

تبدأ عادة عملية المعالجة للسرطان بعد اكتشافه وتحديد درجته, وتشمل المعالجة عدة آليات منها:

- الجراحة لاستئصال الورم السرطاني (surgery).

- العلاج بالأدوية الكيماوية (chemotherapy).

- العلاج الإشعاعي (radiotherapy).

- العلاج بالأدوية التي تزيد من قدرة الجهاز المناعي على مقاومة الخلايا السرطانية (immunotherapy).

- العلاج بالأدوية الهرمونية (endocrine therapy).

- العلاج الحيوي (biological therapy)، كاستخدام أنواع خاصة من الأجسام المضادة.

ويعتمد اختيار آلية العلاج على مكان نشوء السرطان, ودرجة الإصابة به والتي يحددها حجم الورم السرطاني ومدى انتشاره, بالإضافة إلى حالة المريض, وفي بعض الحالات يتم استخدام عدة آليات معا للعلاج.

 

العلاج الإشعاعي:

يُعد العلاج الإشعاعي علاجا موضعياً إذ إن تأثيره على الخلايا السليمة محدود جداً, ويتم باستخدام التطبيقات المختلفة للإشعاع المؤين (ionizing radiation) لتدمير الخلايا السرطانية و تقليص الأورام. و تتركز فاعلية الإشعاع في مقدرته على تفتيت الحمض النووي للخلايا الورمية، وهو المادة الحيوية والأساسية لمختلف الوظائف الخلوية، مما يؤدي إلى القضاء عليها. وقد يتم استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، كعلاج وحيد، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام الأخرى، و قد يُستخدم بديلاً عن الجراحة كعلاج أوليّ، عند بعض الأورام الصلبة، كما قد يُستخدم قبل المباشرة بالعمل الجراحي فيما يُعرف بالعلاج المبدئي المساعِد (neoadjuvant therapy)، بُغية تقليص حجم الورم؛ لتسهيل استئصاله، أو يتم استخدامه عقب جراحات الاستئصال كعلاج مُضاف (adjuvant therapy)؛ بُغية القضاء على أية خلايا ورمية غير مميّزة قد تكون متبقية.

 

العلاج بالأدوية الكيماوية:

العلاج الكيماوي يتم باستخدام مواد كيماوية تؤثر على جميع الخلايا التي تمتاز بالانقسام السريع، ومنها الخلايا السرطانية وبعض أنواع الخلايا السليمة مثل خلايا الدم، والجلد، وأغشية القناة الهضمية، وخلايا الجهاز التناسلي، وهذا يؤدي بدوره إلى ظهور الكثير من الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي.
ويتم العلاج الكيماوي باستخدام أدوية تقوم بالقضاء على الخلايا السرطانية و تدميرها من خلال عرقلة عملية الانقسام الخلوي. إن الميّزة الرئيسية لهذا العلاج هي مقدرته على معالجة الأورام المتنقلة والمنتشرة، بينما يقتصر العلاج الإشعاعي أو الجراحة على معالجة الأورام المنحصرة بمواضع محددة. وتعود فعّاليته إلى حقيقة أن الخلايا السرطانية بطريقة ما أكثر حساسية تجاه المواد الكيماوية من الخلايا الطبيعية.

 

بشكل عام يمكن تقسيم الأدوية الكيماوية إلى:

أولاً: أدوية معتمدة على الدورة الحياتية للخلية (cell cycle specific agents)، إذ أنها لا تكون فاعلة إلّا عندما تكون الخلية السرطانية في طور محدد من أطوار الانقسام الخلوي.

ثانياً: أدوية غير معتمدة على الدورة الحياتية للخلية (cell cycle non-specific agents)، وهذه تكون أكثر فاعلية إذ أنها تؤثر في نمو وانتشار الورم السرطاني بغض النظر عن حالة الخلية السرطانية، أو عن طور النمو التي هي فيه.

يؤدي العلاج الكيماوي إلى إحداث العديد من الآثار الجانبية، ولكن ليس بالضرورة أن يعاني المريض من جميع هذه الآثار، وتجدر الإشارة إلى أن ظهور هذه التأثيرات الجانبية من عدمه لا يُعد دليلاً على فاعلية و كفاءة العقاقير المستخدمة كما قد يتبادر إلى الذهن، فهي تختلف بشكل كبير في الشدة و النوعية من شخص لآخر، ومن عقار لآخر و من دورة علاجية لأخرى حتى بالنسبة لنفس المريض، وتعتمد بشكل رئيسي على نوع الدواء، والجرعة المستخدم منه، و تفاعل الجسم حياله. وغالبا تكون الأعراض الجانبية للعلاج الكيماوي مؤقتة حيث تختفي تدريجيا بعد انتهاء العلاج و تعود الخلايا السليمة إلى طبيعتها.

 

ومن أهم الأعراض الناتجة عن العلاج الكيماوي:

1- الشعور بالغثيان والتقيؤ المستمر، وهذا يعتبر أحد أهم المشاكل التي يعاني منها مريض السرطان، ومن الممكن التخفيف منها أو منع حدوثها من خلال إعطاء المريض أدوية مضادة للتقيؤ قبل البدء بإعطاء جرعة العلاج الكيماوي, كما يمكن التخفيف منها من خلال شرب مغلي الزنجبيل، أو الضغط بالإصبع على منطقة الرسغ، حيث يخفف ذلك من الشعور بالغثيان، كما يُنصح المريض بتناول عدة وجبات خفيفة باليوم بدلاً من تناول عدد قليل من الوجبات الدسمة، بالإضافة إلى الجلوس بالوضع القائم بعد تناول أي وجبة.

 

2- تساقط الشعر، من الصعب منع حدوث تساقط الشعر عند استخدام بعض الأدوية الكيماوية في علاج السرطان، وليس جميعها، ولكن يجدر بالذكر أن الشعر يعود للنمو بشكل طبيعي بعد الانتهاء من العلاج. كما وجد أن تناول فيتامين E قبل البدء بالعلاج الكيماوي، أو وضع كمامات من الثلج أو الماء البارد على الرأس قد يؤخر من عملية تساقط الشعر.

 

3- مشاكل في الجهاز الهضمي (إمساك أو إسهال)، من الممكن التخفيف من مشكلة الإمساك عن طريق الإكثار من شرب السوائل وتناول الأغذية الغنية بالألياف، والقيام ببعض التمارين البسيطة كالمشي لتنشيط عمل القناة الهضمية، وفي  بعض الحالات من الممكن استخدام الأدوية لمعالجة الإمساك ولكن بعد استشارة الطبيب. أما الإسهال فمن الممكن التخفيف من حدته من خلال التقليل من تناول الأغذية الغنية بالدهون.

 

4- نقصان بالوزن، لذلك يجب على جميع المرضى الذين يتلقون العلاج الكيماوي أن يتناولوا غذاء صحي متوازن غني بالبروتينات حتى يتمكن الجسم من إعادة بناء الأنسجة التي تم تدميرها, وفي بعض الحالات يتم استخدام دواء يدعى هيدرازين سلفات (hydrazine sulfate) والذي يحد من مشكلة فقدان الوزن.

 

5- تقرحات بالفم والحلق، وهنا يجب على المريض تجنب المأكولات التي تحتوي على مواد حمضية حتى لا تتفاقم المشكلة.

 

6- حدوث نقص في عدد كرات الدم البيضاء وبالتالي ضعف بالجهاز المناعي لدى المريض، ولهذا يجب على المريض أن يتبع تعليمات النظافة العامة، وتجنب الملوثات المختلفة، أو الاحتكاك بالأشخاص المصابين بالإنفلوزا  أو أي مرض معدٌ، كما يتوجب عليه مراجعة الطبيب عند إصابته بارتفاع درجة الحرارة حيث قد يكون ذلك علامة على إصابته بأحد الأمراض.

 

7- فقر الدم, وتعب، وتغيرات بالجلد والأظافر، وألم، وغيرها.

  

 

إعداد: د. نزار محمود مهيدات
أحلام وجيه الحاج حسن / دكتور صيدلة

حملة دكتور صيدلة نحو رعاية صيلانية مثلى

Please reload

bottom of page