دكتور صيدلة
نحو رعاية صيدلانية مثلى
أنواع سرطان الدم "اللوكيميا" وأعراضه
سرطان الدم (leukemia) هو نوع من السرطان الذي تنمو فيه خلايا الدم البيضاء وتتكاثر بصورة لا يمكن التحكم فيها ويسمى أيضاً بمرض )ابيضاض الدم(، حيث تنمو خلايا الدم البيضاء الشاذة وتغزو الأنسجة والدم، ويتوقف معها نخاع العظم عن إنتاج الخلايا الطبيعية مما يؤدي إلى فقر الدم.
أنواع سرطان الدم (اللوكيميا ):
اللوكيميا متعددة الأنواع، إذ ثمة تسرطن لكل مكونات كريات الدم البيضاء و تفرعاتها، و عند الشخص الواحد لا تصيب إلا نوعا واحدا من هذه الخلايا ( إلا فيما ندر )،
و تشمل الأنواع الأكثر شيوعا :
اللوكيميا الليمفـاوية ( lymphocytic leukemia )، حيث ينشأ التسرطن بالخلايا الليمفاوية .
اللوكيميا النخاعـية (myelogenous leukemia ) أو غير الليمفاوية أو الحُبيبية، حيث ينشأ التسرطن عادة بخلايا المنشأ التي تتطور إلى الخلايا المتعادلة، إحدى أنواع الخلايا الحُبيبية، أو ينشأ بالخلايا الأحادية، و في حالات نادرة تتسرطن خلايا المنشأ التي تتحول إلى كريات الدم الحمراء و خلايا النخاع التي تتحول إلى صفائح دموية.
و قياسا إلى مدى نضج أغلب خلايا اللوكيميا بالجسم و تماثلها مع الخلايا الطبيعية، إضافة إلى سرعة تكاثرها و تطورها ( أوعدوانيتها )، يتم تصنيفها إلى حادة ( Acute )، و مزمنة ( Chronic).
حيث عند اللوكيميا الحادة تكون الخلايا الشاذة قاصرة عن النضج، و تبقى غير بالغة و تستمر في التكاثر و الإحتشاد بالنخاع و تندفع في تطورها بسرعة متزايدة، دون أن تفنى حسب الآلية الطبيعية لدورة حياة الخلايا الطبيعية، أما عند اللوكيميا المزمنة ( النادرة لدى الأطفال )، فيمكن لهذه الخلايا أن تنضج، إلا أنه و رغم مظهرها الذي يتماثل مع مظهر الخلايا الطبيعية البالغة إلا أنها ليست ناضجة و لا بالغة كلياً، ولا تؤدي وظائفها المناعية كما تفعل خلايا الكريات البيضاء، و فرط إنتاجها و تكاثرها لا يُعد المشكلة الرئيسية هنا ( على عكس اللوكيميا الحادة )، و إنما المشكلة أن خلاياها تعيش أطول من الخلايا العادية مما يؤدي إلى احتشاد أعداد كبيرة من الخلايا البالغة سواء الحُبيبية أو الليمفاوية، إضافة إلى بطء اندفاعها، و يبقى النخاع من جهته قادرا على إنتاج عددا جيدا من خلايا الدم الطبيعية لفترة طويلة، وفي هذه الحال و للفترة الزمنية الطويلة لتطورها ببطء تعتبر اللوكيميا المزمنة اقل خطورة نسبيا من الحـادة، و إن كان خطر التغير في سرعة تطورها ( تبعا لمرحلتها ) يظل قائما مع إحتمال تحولها إلى النوع الحاد.
الأسباب المؤدية لمرض اللوكيميا:
السبب غير معروف و لكن هناك اشتباه بعدة عوامل كالعوامل البيئية ,بعض الاختلالات الولادية مثل المتلازمة المنغولية ,الاشعاعات النووية عن الانفجار الذري ,الفيروسات , المهيجات الكيماوية، مثل: بخار البنزين , وتشير الدراسات إلى أن اللوكيميا غير موروثة وغير معدية .
أعراض اللوكيميا:
الأعراض مشابهة لأعراض شائعة لأمراض أخرى, و لكن في النهاية تظهر بشكل واضح و حاد كفقر الدم ( الانيميا ), ضعف و إرهاق مزمن, حرارة مرتفعة, نزيف و ظهور كدمات, عدوى متكررة, الم في المفاصل و العظام و تضخم في الغدد المفاوية و الطحال و الكبد, راجع طبيبك إذا ما ظهرت هذه الأعراض و تكررت .
من المفروض عمل فحص سريري كامل يتضمن فحوصات الدم, اذا اشتبه بوجود اللوكيميا يجري عمل فحص للنخاع العظمي , كلما بدأ العلاج بشكل أسرع كلما كانت النتيحة أفضل.
سرطان الدم الليمفاوي الحاد أو اللوكيميا الليمفاوية الحادة ( Acute Lymphoblastic leukemia- ALL ) عند الأطفال، هو مرض ورمي يصيب أنسجة صنع الدم بالنخاع العظمي، تتسرطن الخلايا الأولية لتنتج كريات دم بيضاء قاصرة ، و تظهر بأعداد كبيرة في النخاع العظمي و الدم كخلايا سرطانية قادرة على الانتقال، و يُعد هذا النوع من أورام الدم الأكثر شيوعا لدى الأطفال و أكثر أنواع الأورام انتشارا بينهم , لذلك سنتطرق الآن للحديث عن أهم المراحل العلاجية لهذا المرض.
الخطط العـلاجية لمرض سرطان الدم اللمفاوي الحاد (ALL) :
تعتمد الخطط العلاجية على تصنيف الطفل ضمن فئات ومجموعات التشخيص سابقة الذكر، و خصوصا التصنيف حسب درجة الخطر، و مبدئيا يُعالج الطفل عادة بالخطط القياسية التي أثبتت فاعليتها.
وبصفة عامة ثمة ثلاثة مراحل علاجية لهذا النوع من اللوكيميا، تبدأ بمرحلة تحقيق الاستقرار و إخماد الخلايا الورمية ثم مرحلة ترسيخ الاستقرار ثم مرحلة المحافظة، و تستغرق جميع هذه المراحل بأغلب الخطط العلاجية فترات تتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات.
مرحلة تحقيق الاستقرار أو الخلو ( Remission Induction )
وتستهدف المعالجة في هذه المرحلة السعي لإخماد ما يمكن تسميته بفورة الخلايا السرطانية للوكيميا، باستخدام العلاج الكيماوي للقضاء على اكبر كمّ ممكن منها و الدخول إلى طور الخلو من السرطان، و لعله من المثير للعجب معرفة أن تعداد الخلايا الورمية بجسم المريض عند التشخيص يقرب من 1 تريليون خلية ورمية لوكيمية، و يلزم القضاء على 99 % من هذا العدد لاعتبار المرض في حالة استقرار و خمود، و مع ذلك يتبقى حوالي 10 بليون خلية ورمية يلزم القضاء عليها بدورها، و لهذا السبب يستدعي الأمر تلقي علاجٍ مكثفٍ لفترة من 4 إلى 6 أشهر بمرحلة ترسيخ الاستقرار التالية، إضافة إلى مرحلة المحافظة الطويلة نسبيا والتي قد تتجاوز السنتين عند بعض الحالات.و يتم تحقيق الاستقرار عند حوالي 95 % من الأطفال المرضى بانتهاء الشهر الأول من تلقي المعالجات، و بطبيعة الحال تكون المعالجات مكثفة خلال هذه الفترة بحيث يستلزم الأمر الإقامة بالمستشفى و دوام العناية الطبية على مدار الوقت تحسبا لأية تعقيدات قد تطرأ، و تعتبر هذه المرحلة ناجحة عند التأكد من انتهاء أعراض اللوكيميا و خلو عينات الدم و النخاع العظمي و السائل المُخيّ الشوكي من الخلايا الورمية، و عودة النخاع العظمي إلى طبيعته بحيث لا تتجاوز نسبة الخلايا الناشئة داخله عن الخمسة بالمئة، إضافة إلى عودة تعدادات الدم إلى المعدلات العادية.
ومن المعتاد أن يتلقى الأطفال بفئة الخطر القياسي ثلاثة عقاقير كيماوية بالشهر الأول من الدورات العلاجية، و تتضمن عقار بريدنيزون ( prednisone )، و اسباراجيناز ( asparaginase ) و فينكريستين (vincristine )، و عند حالات الخطر المرتفع يُضاف إليها تقليديا أحد أنواع العقاقير المعروفة بالانتراسايكلين ( anthracycline ) و هي عقاقير من فئة المضادات الحيوية ضدّية الأورام ( Antitumors antibiotics ) و المستخدم منها عادة عقار دونومايسين ( daunomycin ).
ومن المعتاد عند اغلب الحالات خلال هذه المرحلة استخدام الحقن الغِمدي، بحقن الأدوية مباشرة إلى السائل المُخّي الشوكي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، أو استخدام جرعات عالية من العلاج الكيماوي الجهازي، أو استخدام العلاج الإشعاعي، فيما يُعرف بعملية وقاية الجهاز العصبي المركزي ( CNS Prophylaxis )، بُغية القضاء على أية خلايا سرطانية قد تتواجد ضمن محيطه، أو لمنع انتشارها إلى الدماغ و الحبل الشوكي حتى و إن لم تُرصد فيهما,و قد يتم استخدام عقار ميتوتريكسات ( methotrexate ) منفردا عند الحقن الغِمدي لحالات الخطر القياسي و المرتفع، أو استخدام ما يُعرف بالحقن الثلاثي (Triple intrathecal ) بحقن توليفة من العقاقير ميتوتريكسات و هايدروكورتيزون ( Hydrocortisone ) و سايتارابين ( Cytarabine )، و تنص اغلب الخطط العلاجية على استخدام الحقن الغِمدي مرتين فحسب خلال الشهر الأول، ثم من 4 إلى 6 مرات خلال الشهرين التاليين و يتم تكراره بوتيرة أقل خلال مرحلتي الترسيخ و المحافظة.
مرحلة الترسيخ و التثبيت ( Consolidation )
وهي المرحلة التالية و المكثفة من العلاج الكيماوي و التي تستمر لفترة من 4 إلى 6 أشهر، و هي مهمة جدا إذ تستهدف القضاء على الخلايا السرطانية الكامنة و المتبقية، و يتم فيها استخدام توليفة من عدة عقاقير كيماوية لمنع خلايا اللوكيميا المتبقية من تكوين أية مقاومة دوائية، سواء باستخدام جرعات عالية من العقاقير المستخدمة بمرحلة الاستقرار أو عقاقير جديدة ( مع مراعاة أن تكون بمقاومة دوائية منخفضة )، و من المعتاد إعطاء جرعات عالية من عقار اسباراجيناز ( asparaginase )، و عند حالات الخطر القياسي من المعتاد استخدام جرعات معتدلة إلى عالية من العقاقير المعروفة بكابحات الأيض( antimetabolites )، عادة عقارميتوتريكسات ( methotrexate )، الذي يُتبع تقليديا بعقار لوكوفورين ( leucovorin ) كمخفف و كابح لتأثيراته، إضافة إلى عقار ميركابتوبيورين ( mercaptopurine ) و تشمل العقـاقير المتداولة أيضا عقار سايكلوفوسفامايد و فينكريستين و سايتـارابين و بريدنيزون، بينما عند الحالات بفئة الخطر المرتفع يتم استخدام جرعات علاجية أكبر بطبيعة الحال و بتوليفات معينة.
ومن جهة أخرى تستمر عمليات وقاية الجهاز العـصبي المركزي بهذه المرحلة و إن كانت بوتيرة تقلّ عن المرحـلة السابقة، و الجدير بالذكر أن الانتكاس يظهر عادة في فترة لا تتجاوز أربعة اشهر إن لم يتلق المريض العلاجات الخاصة بهذه المرحلة.
مرحلة المحافظـة ( Maintenance )
ما أن تنتهي مرحلتي تحقيق الاستقرار و ترسيخه و تشير كل الدلائل إلى خمود خلايا اللوكيميا، حتى تبدأ مرحلة المحافظة التي تستمر لفترات تتراوح بين 24 إلى 36 شهرا حسب الاعتبارات الخاصة بكل حالة، ( و عادة تكون الفترة أطول بالنسبة للذكور عنها لدى الإناث حيث تزيد نسبة الانتكاس بينهم عقب توقف المعالجات )، و يتم استخدام كابحات الأيض المذكورة آنفا حسب اغلب الخطط العلاجية الشائعة، و ذلك بإعطاء توليفة مشتركة من عقار ميركـابتوبيورين ( 6-Mercaptopurine ) يوميا، و عقـار ميتوتريكسات ( methotrexate ) أسبوعيا، و قد تمت إضافة عقاري فينكريستين ( vincristine ) و بريدنيزون ( prednisone ) إلى الخطط العلاجية القياسية بمرحلة المحافظة، و بجرعات متقطعة خلال فترات كل 4 إلى 8 أسابيع.
و بطبيعة الحال يتم تلقي جرعات علاجية أكثر كثافة بمرحلة المحافظة عند حالات الخطر المرتفع و الشديد، و ذلك بإضافة جرعات أسبوعية من عقاري اسباراجيناز و ميتوتريكسات ( بجرعة عالية )، أو إضافة جرعة منخفضة من ميتوتريكسات مع عقار سايتارابين، مما يساعد على زيادة فاعلية المعالجة بهذه المرحلة.
و غني عن التنويه انه من الضروري مراقبة المرضى بعناية خـلال فترة المحافظة، لتقصي المضاعفـات الجانبية للعـلاجات و التعقيدات الممكن حدوثها، و الأهم بطبيعة الحال تقصي أية علامات على عودة اللوكيميا و حدوث انتكاسات.
عقب انتهاء المعـالجات
من الضروري إجراء فحوصات دورية شاملة تستمر لعدة سنوات عقب انتهاء المعالجات، بُغية تقصي أية علامات على عودة اللوكيميا، إضافة إلى مراقبة المضاعفات و التأثيرات الجانبية للعلاجات، سواء الآنية أو المتأخرة و التي قد تظهر بعد سنوات ، و تشمل هذه الفحوصات إضافة إلى الفحص السريري الدقيق، التحاليل المخبرية و الفحوصات التصويرية المختلفة، و يتم إجراؤها بجدولة زمنية تنازلية، حيث تتم شهريا خلال السنة الأولى من توقف المعالجات، ثم كل شهرين في السنة الثانية، ثم كل ثلاثة اشهر في السنة الثالثة، ثم كل ستة اشهر حتى السنة الخامسة، و بعدها تتم بمعدل مرة واحدة سنويا، و من المهم جدا بطبيعة الحال إخطار الفريق الطبي المعالج في الحال عن أية أعراض أو مضاعفات قد تظهر، ليتم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة و تحقيق المعالجة الفعالة دون تأخير، سواء للمضاعفات العلاجية أو الانتكاس.
إعداد : د. نزار محمود مهيدات
رزان صابر جلغوم /دكتور صيدلة
حملة دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى