دكتور صيدلة
نحو رعاية صيدلانية مثلى
"دكتور صيدلة": الخطط الدراسية ومجالات العمل
أسئلة كثيرة تخطر بالبال بمجرد السماع باسم هذا البرنامج الجديد، برنامج دكتور صيدلة، تتمحور هذه الأسئلة حول ماهية هذا البرنامج، وخطته الدراسية، ووظائفه، ومجالات العمل المتاحة له، والفرق بينه وبين الصيدلاني والطبيب، وغيرها الكثير. بدورنا سنحاول هنا الإجابة عن هذه التساؤلات.
ما هو برنامج دكتور صيدلة؟
في الآونة الأخيرة تغيرت ممارسة مهنة الصيدلة تغيراً ملحوظاً، وتحولت من ممارسة أساسها التركيز على صناعة الدواء إلى ممارسة أساسها التركيز على صحة المريض، وذلك ضماناً لتقديم معالجة دوائية أفضل، وخفضاً للنفقات العلاجية المباشرة وغير المباشرة، وتوفيراً لأعلى مستوى من الرعاية الصحية، وتطبيقاً لما أصبح يعرف بالرعاية الصيدلانية. تماشياً مع هذه التغيرات وتحقيقاً لهذه الأهداف جاء برنامج دكتور صيدلة والذي يعد درجة جامعية أولى تمنح من قبل كليات الصيدلة، ويتم فيه التركيز على الجانب السريري التطبيقي في الممارسة الصيدلانية، حيث يتعلم الطالب خلال الدراسة الجامعية كيفية تطبيق علوم الصيدلة المختلفة بطريقة تفيد المريض وتساعد على تقديم الرعاية الصيدلانية المثلى له، وبذلك يكون تركيزه أثناء ممارسة مهنة الصيدلة على صحة المريض أكثر منه على صناعة الدواء.
أين يتم تدريس تخصص دكتور صيدلة ؟
استحدث برنامج دكتور صيدلة في الولايات المتحدة الأميركية لأول مرة في الستينيات. وفي العام 1990، أصبحت درجة دكتور صيدلة هي الدرجة الجامعية الأولى والوحيدة التي تمنح من قبل معظم كليات الصيدلة في الجامعات الأميركية.
بعد ذلك انتشر برامج دكتور صيدلة في العديد من الدول المتقدمة والدول المجاورة مثل كندا، وفرنسا، وأستراليا، واسبانيا، والبرتغال، والكويت، والإمارات، ولبنان، وقطر، والسعودية ومصر.. الخ.
في المملكة الأردنية الهاشمية، تم في العام 2000 ولأول مرة استحداث برنامج دكتور صيدلة (PharmD) في كلية الصيدلة بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. وفي العام الجامعي 2005/2006م، قامت الجامعة الأردنية باستحداث هذا البرنامج أيضاً، ليصبح برنامج دكتور صيدلة يُدرس في اثنتين من أبرز الجامعات الأردنية.
ما الخطة الدراسة المتبعة لبرنامج دكتور صيدلة؟
تم وضع الخطة الدراسية لدرجة دكتور صيدلة بعد مقارنتها بنظيراتها في الجامعات الأميركية العريقة، لتكون النتيجة خطة دراسية تضاهي تلك التي تُدرس في أفضل الجامعات الأميركية. بشكل عام، يحصل الطالب على درجة دكتور صيدلة بعد إتمامه عدد معين من الساعات، ويتطلب ذلك الدراسة لمدة لا تقل عن 6 سنوات. وتتلخص الخطة الدراسية المعتمدة للحصول على شهادة دكتور صيدلة بالتالي:
أولاً: المساقات النظرية والعملية وتضم العلوم الطبية الأساسية في كلية الطب، بالإضافة إلى مواد صيدلانية يتم أخذها في كلية الصيدلة، ومنها: علم الأدوية، والعلاج الدوائي، والكيمياء السريرية، ومناقشة حالات سريرية.. الخ.
ثانياً: التدريب في إحدى صيدليات المجتمع المحلي، حيث يتدرب الطالب لمدة لا تقل عن شهرين في إحدى الصيدليات المحلية، ليكتسب من خلال هذا التدريب المهارات الأساسية في التعامل مع المرضى، بالإضافة إلى التعرف على شركات الأدوية، والمستودعات التابعة لها، والأسماء التجارية للأدوية وكيفية ربطها بالأسماء العلمية والتي تم تغطيتها خلال المساقات النظرية.
ثالثاً: التدريب السريري في عدد من مستشفيات المملكة، حيث تقتصر السنة السادسة من الدراسة الجامعية على التدريب في الأقسام السريرية المختلفة بالمستشفيات. تختلف المستشفيات المخصصة لتدريب الطلبة والنظام المتبع في التدريب باختلاف الجامعة التي ينتمي لها الطالب، ففي جامعة العلوم والتكنولوجيا، على سبيل المثال، يشمل التدريب السريري عدة أقسام، منها قسمان اختياريان، وثمانية أقسام أساسية (أو إجبارية) وهي: قسم الباطني (1 و 2)، وقسم الأطفال، وقسم القلب والشرايين، وقسم السرطان، وقسم العناية الحثيثة، وصيدلية المستشفى، والعيادات الخارجية، أما الأماكن المخصصة للتدريب فتتكون من مستشفى الملك عبد الله المؤسس، ومستشفى الأميرة رحمة، ومستشفى الأميرة بسمة، ومستشفى الرمثا، ومستشفى البشير، والمدينة الطبية. بذلك يكتسب الطالب الخبرة اللازمة والتي ستؤهله للقيام بعمله كصيدلاني سريري بمجرد تخرجه وحصوله على الشهادة.
ما الوصف الوظيفي للصيدلاني السريري ؟
المسمى الوظيفي لحامل شهادة دكتور صيدلة لدى عمله في الأقسام السريرية في المستشفيات أو في صيدليات المجتمع هو "الصيدلاني السريري". وهنا تتلخص وظيفته بمتابعة حالات المرضى والتفاعلات الدوائية والجرعات الصحيحة للأدوية والتنسيق مع الأطباء حول الاستخدام الأمثل للدواء.
ما المهام والمسؤليات التي تقع على عاتق الصيدلاني السريري أو حامل شهادة دكتور صيدلة؟
يصبح حامل شهادة دكتور صيدلة بعد تخرجه مباشرة أحد أعضاء نقابة الصيادلة الأردنيين، والتي بدورها تقدم الدعم والمساندة اللازمة لمساعدتهم على ممارسة مهنتهم ودورهم في المؤسسات الصحية كافة، لما في ذلك من فوائد تعود عليهم وعلى المرضى سواء من ناحية صحية أو مادية.
هنالك الكثير من المهام والوظائف التي تقع على عاتق حامل شهادة دكتور صيدلة، ونذكر منها :
1) المساهمة في اختيار العلاج الأمثل للمريض من حيث تحديد نوع الدواء المناسب، وشكله الصيدلاني، والطريقة الصحيحة لاستعماله، بالإضافة إلى تحديد كمية الدواء وعدد الجرعات ومدة العلاج اللازمة، وبالتالي الحصول على العلاج الأفضل بأقل التكاليف الممكنة.
2) مرافقة الطبيب أثناء المرور على المرضى والاتفاق معه على العلاجات الموصوفة لهم، ومن ثم تثقيف المريض وتقديم النصح له فيما يتعلق بأدويته.
3) المشاركة الفعلية مع الطبيب في وضع خطة علاجية مناسبة لمتابعة حالة المريض أثناء فترة العلاج. وتتضمن المتابعة العلاجية التأكد من التزام المريض بتناول أدويته بالوقت والجرعة والطريقة الأمثل وحسب الإرشادات، بالإضافة إلى قياس تركيز بعض الأدوية الخطيرة في الدم أو بقية السوائل الحيوية في الجسم أثناء فترة العلاج؛ لضمان فعالية هذه الأدوية ومنع حدوث الآثار الجانبية الخطيرة التي يسببها إذا زاد تركيز هذا الدواء بالجسم، كما يتوجب متابعة المشاكل الناجمة عن استعمال الدواء ووضع الحلول اللازمة لها، مثل التداخلات الدوائية، والآثار الجانبية، والحساسية الدوائية، والتسمم الدوائي.
4) توفير المعلومات الدوائية التي يحتاجها الكادر الطبي أو الصيدلاني أو الجمهور، وتقديم برامج تعليمية بشكل مستمر لمختلف أعضاء الفريق الصحي.
5) القيام بالأبحاث العلمية ذات العلاقة بالأدوية واستعمالاتها، بالإضافة إلى تأسيس مراكز للمعلومات الدوائية ومراكز للإرشاد والتثقيف الدوائي والإشراف عليها.
6) المشاركة في عضوية اللجان في المستشفيات.
ما مجالات العمل المتاحة لحملة شهادة دكتور صيدلة؟
الدور الأساسي للصيدلاني السريري هو العمل في الأقسام السريرية في المستشفيات، لكن عمله لا يقتصر على ذلك فقط، حيث يستطيع حامل شهادة دكتور صيدلة أن يعمل في صيدليات المجتمع أو صيدليات المستشفى، أو في الإعلام الدوائي (الترويج العلمي)، أو في مراكز المعلومات الدوائية، أو مراكز الأبحاث الدوائية، بالإضافة إلى إمكانية العمل في المؤسسة العامة للغداء والدواء والمنظمات الصحية الدولية.
ما الفائدة التي يقدمها الصيدلاني السريري للمريض وللمؤسسة التي يعمل بها ؟
وجود الصيدلاني السريري يؤدي إلى حصول المريض على أفضل النتائج العلاجية، وذلك بسبب قدرته على الحد من الاستعمال غير الضروري للأدوية، وبذلك يُجنب المريض أخذ أدوية غير مناسبة لحالته المريضة والتي تزيد من احتمالية حدوث الأضرار الجانبية وارتفاع تكلفة العلاج.
هناك العديد من الدراسات التي أظهرت مدى تأثير الأخطاء الدوائية على الخطة العلاجية، والأخطار الناجمة عنها، بينما أظهرت دراسات أخرى أهمية الدور الذي يؤديه الصيدلاني السريري سواء من الناحية المادية أو الصحية، وسنذكر نتائج بعض هذه الدراسات:
1) في الولايات المتحدة الأميركية يموت ما يقارب 44،000 إلى 98،000 شخص سنوياً بسبب الأخطاء الدوائية التي يتم ارتكابها والتي كان من الممكن منع حدوثها، وقد تجاوز هذا الرقم عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات.
2) في العام 1999م قُدرت التكلفة الناتجة عن الأخطاء الدوائية، والتي كان من الممكن منع حدوثها، على مستشفيات الولايات المتحدة ما يقارب 2 بليون دولار.
3) في الولايات المتحدة الأميركية العام 2000م، كانت التكلفة الإجمالية لمعالجة المشاكل الصحية التي سببها الاستخدام الخاطئ للأدوية حوالي 177.4 بليون دولار.
4) بينت إحدى الدراسات التي ضمت حوالي 1000 مستشفى طبي أن وجود الصيدلاني السريري قد حَسن وبشكل ملحوظ النتائج العلاجية، ووفر ما يقارب 5 بليون دولار سنوياً، بالإضافة إلى الحفاظ على حياة 40،000 شخص في كل عام. ومن هنا تبين أن الفائدة من وجود الصيدلاني السريري لا تقتصر فقط على توفير النقود، وإنما تمتد للحفاظ على حياة المرضى وصحتهم، والتي في كثير من الحالات لا تقدر بثمن.
ما أهم الصعوبات والتحديات التي تقف في وجه الممارسة الحقيقية للصيدلة السريرية؟
على الرغم من مرور 12 عاماً على استحداث برنامج دكتور صيدلة في الجامعات الأردنية، إلا أن هناك العديد من العوائق التي ما تزال تقف في وجه الممارسة الحقيقية للصيدلة السريرية في مستشفيات المملكة، بقطاعيها العام والخاص، ومن أهمها عدم مواكبة التشريعات الناظمة للرعاية الصحية للدور الجديد للصيدلاني السريري، وفي بعض الأحيان عدم تقبل أعضاء الفريق الطبي، والأطباء على وجه الخصوص، لوجود الصيدلاني السريري كأحد أعضاء الفريق الطبي، وذلك لعدم تفهمهم لدوره وأثره في تقديم الرعاية الصحية المثلى للمرضى. علاوةً على ذلك، يعد عدم إدراك إدارات المستشفيات وأصحاب القرار لأهمية الدور الذي يقوم به الصيدلاني السريري، وما يترتب عليه من خفض للفاتورة العلاجية بشكل كبير في بلد يعاني من شح في الموارد ومن ازدياد مضطرد في التكلفة العلاجية، من أهم التحديات التي تواجه الصيدلة السريرية وتمنع تطبيقها في مستشفيات المملكة. كما أن عدم مواكبة وزارة الصحة للتطورات يحملها جزء كبير من المسؤولية تجاه عدم تطبيق الممارسة الحقيقية للصيدلة السريرية، ويتمثل ذلك بعدم توظيفها لعدد كاف من حملة شهادة دكتور صيدلة، بالإضافة إلى عدم إلزام المستشفيات بتوفير خدمة الصيدلة السريرية، أو حتى إنشاء دوائر للصيدلة السريرية في المستشفيات الحكومية. جميع هذه العوامل تسهم بصورة أو بأخرى في منع أو إعاقة تقديم هذه الخدمة لأبناء المجتمع الأردني وللمرضى على وجه الخصوص.
هل تم على المستوى المحلي تفعيل دور الصيدلاني السريري في الرعاية الصحية ؟
فعلياً يعد مستشفى الملك المؤسس الرائد في هذا المجال، حيث قام العام 2008م بفتح قسم للصيدلة السريرية ليقدم الخدمات الصيدلانية لكافة أقسام المستشفى، أهمها: قسم الأطفال، وقسم السرطان، وقسم القلب والشرايين، وقسم العناية الحثيثة، وقسم الباطني والجراحه. ومما يلفت الانتباه أن %79.8 من التوصيات التي يقدمها قسم الصيدلة السريرية في المستشفى كان يتم العمل على تطبيقها من قبل الأطباء، ومعظم هذه التوصيات كانت بخصوص فعالية الأدوية، ومدى سلامتها على صحة المريض. وكنتيجة لإتباع هذه التوصيات قلة التكلفة المالية على المستشفى بنسبة 7.2 %، وانخفض حدوث الأخطاء الطبية بنسبة 8.7 %، وتم تجنب حدوث التسمم الدوائي والأعراض الجانبية للأدوية بنسبة 12.7 %، بينما تحسنت النتائج العلاجية بمقدار 24.1 %، وزادت نسبة الاستفادة من فعالية الأدوية بمقدار 21.7 %. علاوةً على ذلك يتوجه عدد من مستشفيات المملكة الخاصة إلى توظيف حاملي شهادة دكتور صيدلة وتدريبهم في الأقسام السريرية، وذلك لقناعتهم بأهمية الدور الذي يقومون به، فعلى الرغم أن المستشفى سيتحمل تكاليف دفع الرواتب لهم إلا أن وجودهم كجزء فعال في الفريق طبي سيوفر الكثير على المستشفى، فبوجودهم سيتم منع الاستخدام المفرط للأدوية التي ليس لها داع، كما ستقل نسبة حدوث الأخطاء الطبية وستنخفض احتمالية حدوث الآثار الجانبية للأدوية، بالإضافة إلى فوائد أخرى تشارك مجتمعه في تخفيض التكلفة الإجمالية على المستشفى.
يوماً بعد يوم يزداد إدراك المستشفيات والمؤسسات الصحة لأهمية الدور الذي يقوم به الصيدلاني السريري، ونتمنى أن يتم في المستقبل القريب العمل إنشاء أقسام للصيدلة السريرية في معظم مستشفيات المملكة.
قسم الصيدلة السريرية
كلية الصيدلة - جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
حملة دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى