دكتور صيدلة
نحو رعاية صيدلانية مثلى
متلازمة القولون العصبي: الأعراض والعلاج
مُتلازمة القولون المتهيج أو متلازمة القولون العصبي (Irritable Bowel Syndrome)، هي عبارة عن اعتلال وظيفي شائع يُصيب الجهاز الهضمي بأعراض مثل الانتفاخ، سوء الهضم والإخراج. تصيب هذه المتلازمة جميع الأعمار، لكن سنّ بداية ظهور الأعراض يكون غالباً في مرحلة المراهقة أو سن الشباب، وهي أكثر احتمالاً لدى النساء من الرجال. لا تعد متلازمة القولون العصبي حالة خطيرة ولا مرضاً قائماً بحد ذاته؛ فهي لا تُحدِث التهاباً أو تغيراً في أنسجة الأمعاء، ولا تزيد خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، على عكس بعض الأمراض المعوية الأخرى، إنما هي حالة مزمنة ومزعجة جداً للمريض تحتاج إلى عناية على المدى الطويل.
وتختلف أعراض وعلامات هذه المتلازمة بشكل كبير من شخص لآخر، كما أن هذه الأعراض والعلامات كثيراً ما تتشابه مع أعراض أمراض أخرى. أما الأعراض والعلامات الأكثر شيوعاً لهذه المتلازمة، فتتضمن: الألم أو المغص في البطن، الشعور بالانتفاخ، حدوث غازات، الإسهال أو الإمساك أو التناوب بينهما، المخاط في البراز، وحدوث اضطرابات بالنوم.
كيف تؤثر متلازمة القولون العصبي على المصاب بها؟
تحرك العضلات في داخل الأمعاء الطعام وتدفع به من المعدة إلى المستقيم، وفي الحالة السليمة تتمدد هذه العضلات وتتقلص بشكل منتظم، مما يؤدي إلى تقدم الطعام في فترات زمنية محددة، ولكن قد يحصل تشنج في عضلات الأمعاء لدى بعض الأشخاص؛ مؤدية إلى حالة من التقلص لمدة أطول من العادة، وهذه التقلصات تسبب الألم وتضر بحركة الطعام في داخل الأمعاء.
ويحدث الاضطراب في حركة العضلات نتيجة اضطراب بالأعصاب مؤدياً إلى الحساسية المفرطة في جهازهم الهضمي. ويسبب بطء حركة الأمعاء لدى بعض الأشخاص إلى الإمساك، بينما الزيادة في حركتها يؤدي إلى الإسهال، وفي بعض الحالات يؤدي السكون التام في حركة العضلات إلى فرصة لتخمر الطعام والانتفاخ، وكثرة الغازات.
من الشائع لدى مرضى متلازمة القولون العصبي أن يعانوا من حالات الإسهال والإمساك المتعاقبة والمتقلبة. قد تبدأ هذه الأعراض بشكل بسيط يمكن التعايش معها، ولكن قد يسوء الوضع في الكثير من الحالات وتظهر أعراض شديدة مؤلمة نفسياً وجسدياً.
عوامل تزيد احتمالية الإصابة بمتلازمة القولون العصبي:
- الجنس: حيث إن هذه المتلازمة تصيب الإناث ضعف ما تصيب الذكور.
- السن: حيث إن أعراضها تبدأ قبل سن 35 لدى 50 % من المصابين.
- الوراثة: حيث إن الجينات أيضا قد تلعب دوراً في الإصابة بها.
أسباب متلازمة القولون العصبي
لا توجد أسباب مباشرة تفسر متلازمة القولون العصبي، ولكن هناك بعض المحفزات التي يمكن أن تؤثر سلباً على بعض المصابين بها، ومن أهمها:
- بعض أنواع الأطعمة: العديد من المصابين يجدون أن أعراضهم وعلاماتهم تزداد سوءاً عند تناولهم لأطعمة معينة تتضمن الحليب، والمشروبات الغازية، والمنبهات مثل الشاي والقهوة، والكحول، والشوكولاته، والتوابل، والدهون؛ حيث إنها قد تؤدي إلى الإمساك أو الإسهال. كما أن بعض الخضراوات والفواكه قد تؤدي إلى زيادة الانتفاخ وعدم الراحة؛ كالبقوليات مثل الحمص والعدس، والملفوف، والقرنبيط، والبروكلي.
- الضغط النفسي: فمعظم مصابي هذه المتلازمة يجدون أن أعراضها وعلاماتها تزداد سوءاً أو تكراراً خلال فترات الضغط النفسي مثل فترات الامتحانات وحالات الطلاق أو الوفاة. وعلى الرغم من أن الضغط النفسي يفاقم المتلازمة، إلا أنه لا يسببها.
- الهرمونات: بما أن المرأة هي أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة القولون العصبي، يعتقد الباحثون أن التغيرات الهرمونية تلعب دوراً في تفاقم أعراض هذه المتلازمة. فقد تجد العديد من النساء أن الأعراض هي الأسوأ خلال أو حول فترات الطمث.
- الإصابة بأمراض معينة أخرى: ومن ضمنها النوبات الحادة من التهابات المعدة والأمعاء.
مضاعفات متلازمة القولون العصبي
لا ترتبط الإصابة بمتلازمة القولون العصبي بزيادة فرصة الإصابة بسرطان القولون أو أي اضطرابات مرضية مزمنة، إلا أن الإمساك المتكرر قد يتسبب في تشكل البواسير. وقد يؤدي ابتعاد المصاب بالمتلازمة عن أطعمة معينة إلى إصابته بسوء التغذية. ومن الممكن أن يصاب المريض بأعراض من الكآبة والإحباط أيضا؛ حيث إن المتلازمة تؤثر سلبا على الكثير من جوانب الحياة.
التشخيص
لا يوجد أي فحص يؤكّد تشخيص متلازمة القولون العصبي، ويقوم الطبيب عادة بتشخيص القولون العصبي من خلال أخذ التاريخ المرضي من المريض ومن خلال إجراء فحص سريري واستثناء الأمراض العضوية التي يمكن أن تُشابه متلازمة القولون العصبي من خلال بعض الفحوصات مثل التنظير السيني للقولون، تنظير القولون، التصوير المقطعي المحوسب للبطن والحوض للكشف عن عوامل أخرى مسببة لظهور الأعراض.
ومن المعايير التشخيصية التي ينبني عليها التشخيص، حدوث ألم أو تضايق متكرر في البطن لمدة 3 أيام في الشهر، خلال الأشهر الثلاثة السابقة. الألم أو التضايق يتسم باثنتين من السمات الثلاث الآتية: يخف بعد التبرز، يتغير مع بدايته عدد مرات التبرز المعتاد، ويتغير مع بدايته شكل أو طبيعة البراز المعتاد.
علاج متلازمة القولون العصبي
بما أن الأسباب المؤدية للإصابة بهذه المتلازمة غير واضحة تماماً، فالعلاج يقوم على التخفيف من الأعراض لكي يتمكن المصاب من عيش حياته بشكل طبيعي قدر الإمكان.
في معظم الحالات، يستطيع المصاب السيطرة على أعراض وعلامات المتلازمة إن كانت بسيطة عن طريق تعلمه كيفية التعامل مع الضغوطات النفسية وإجراء تغييرات على نمط الحياة والنظام الغذائي.
وعلاج القولون العصبي يختلف من مريض إلى آخر، ويعتمد على حدة الحالة وشدتها، إضافة إلى طبيعة كل إنسان ومقدار تحمله للأعراض. ولذلك فإن الإرشادات والنصائح في متلازمة القولون العصبي تأخذ الحيز الأكبر من العلاج، ومن أهمها:
- تناول وجبات الطعام بشكل منتظم ومتوازن وأخذ الوقت الكافي أثناء الأكل.
- تناول الأطعمة التي تحتوي على الألياف؛ حيث إن الألياف تساعد على التخلص من الإمساك إلا أنها تزيد من فرصة تكون الغازات والمغص. لذلك فإن أفضل أسلوب للحصول على كميات مناسبة من الألياف هو زيادة كمية الألياف التي تتناولها تدريجياً على مدار أسابيع إلى أن تصل إلى الكمية المناسبة.
- الإكثار من تناول السوائل وبخاصة في حالة الإمساك.
- تجنب المنتجات التي تحتوي على اللاكتوز والفركتوز كمنتجات الحليب البقري.
- تجنّب الشاي والقهوة والكحول والتدخين.
- تجنّب الضغوط النفسية.
- ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
- أخذ قدر كاف من النوم أثناء الليل.
- اختيار الطعام المناسب، وذلك يختلف من شخص لآخر.
- تجنب مضغ العلكة أو الشرب عن طريق ماصة لتجنب بلع الهواء وتكون الغازات.
وفي حال كانت الأعراض شديدة ومزعجة قد يصرف الطبيب المتخصص بعض الأدوية التي تساعد على تنظيم حركة عضلات الجهاز الهضمي، وأهمها:
1- الأدوية المستخدمة لتخفيف الآلام المصاحبة للمتلازمة كآلام البطن أو الانتفاخات والغازات. مثل: هايوسايمين (Hyoscyamine). وبعض هذه الأدوية يؤخذ بعد استشارة الطبيب الاختصاصي. مثل؛ لوبيبروستون (Lubiprostone).
2- الألياف الطبيعية المستخلصة من النباتات الطبيعية، والتي تساعد على عملية الهضم، وتنظيم حركة الأمعاء، ويحتاج الإنسان العادي إلى تناول ما مقداره 25-35 غم يومياً من هذه الألياف، مثل: سيلليوم (Psyllium).
3- الأدوية المسهلة التي يصفها الطبيب، والتي تنظم حركة القولون في حالات الإمساك الشديد. مثل: كولسترامين (Cholestyramine)، وسوربيتول (Sorbitol).
4- الأدوية القابضة التي تستخدم في حالات الإسهال المتكرر. مثل: دايفينوكسيليت (Diphenoxylate)، ولوبيرمايد(Loperamide).
5- الأدوية القابضة مع الأدوية المضادة للقلق التي تستخدم في تخفيف تشنجات المعدة والبطن؛ التي يعد القلق والتوتر أسبابا رئيسية لها، وهي فعالة جدا. مثل: بوكسيديوم (Poxidium) الذي يجمع بين خواص الكلورديازيبوكسيد (Chlordiazepoxide) المضادة للقلق وخواص الكليدينيوم (Clidinium Bromide ) المضادة للتشنج والإفرازات.
هناك بعض المرضى لا يستجيبون لهذه العلاجات؛ لأن سبب المرض لديهم نفسي، لذلك لا بد من استشارة الطبيب النفسي لوصف الأدوية الخاصة للسيطرة على التوتر، أو الأدوية المضادة للاكتئاب النفسي على حسب حالة المريض كمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (Tricyclic Antidepressants) ومثبطات استرداد أو استرجاع السيروتونين الانتقائية (Selective Serotonin Reuptake Inhibitors).
العلاقة بين متلازمة القولون العصبي وحالات الضغط والتوتر من شأنها إتاحة المجال لمساعدة المرضى بواسطة المعالجة الاسترخائية (Relaxation therapy)، التنويم المغناطيسي (Hypnosis) الطبي، الارتجاع البيولوجي (Biofeedback) وغيرها.
إن علاج متلازمة القولون العصبي يعتمد على وجود علاقة جيدة بين الطبيب والمريض، وعلى تعميق وعي المريض وفهمه لماهية المشكلة وطبيعتها وعلى التطرق إلى المخاوف وبواعث القلق للحد منها.
إعداد: سارة إبراهيم العظمة/ دكتور صيدلة
إشراف: د.فاديا مياس
حملة "دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى"