top of page
 
سوبالميتو: دواء نباتي فعال في معالجة تضخم البروستات الحميد

 

 

يصيب مرض تضخم البروستات الحميد (Benign Prostatic Hyperplasia- BPH) عدد لا بأس به من الذكور، وتزداد نسبة الإصابة به مع التقدم بالسن، حيث يصيب هذا المرض حوالي 50% من الذكور الذين تتجاوز أعمارهم الخمسين، بينما تصل نسبة الإصابة به بين الذكور الذين تجاوزت أعمارهم الثمانين إلى 80%. يؤثر هذا المرض بشكل سلبي على حياة الأشخاص المصابين به، لذلك هنالك العديد من الأدوية المتوافرة في الصيدليات مخصصة لمعالجته، إلا أن للنباتات الطبية دور مهم وفعال في العلاج، قد يُضاهي الدور الذي تقوم به بعض الأدوية في التخفيف من أعراض المرض.

 

دور النباتات الطبية في التخفيف من أعراض تضخم البروستات الحميد

تعد بذور اليقطين (Pumpkin Seed)، ونبتة القريص (Stinging Nettle) من النباتات الطبية التي أثبتت فعاليتها في معالجة هذه الحالة، ولكن مازالت نبتة البلميط المنشاري، أو المعروفة باسم السوبالميتو (Saw Palmetto) ، الرائدة والأكثر استخداماً في معالجة هذا المرض. وقد استخدمت منذ القدم من قبل الهنود الأمريكيين في معالجة المشاكل المتعلقة بالجهاز البولي التناسلي، لذلك سوف نحاول ذكر أهم ما يميز هذه النبتة وفوائدها وكيفية استخدامها لعلاج مرض تضخم البروستات الحميد.

 

نبتة البلميط المنشاري (Saw Palmetto)

تنتمي نبتة البلميط المنشاري إلى عائلة النخيل، وهي عبارة عن شجيرة دائمة الخضرة يتراوح طولها ما بين 2-10 أقدام، أوراقها على شكل المروحة وثِمارها مفردة النواة بحجم حبات الزيتون ذات لون أحمر قاتم أو قريب من السواد، وتعتبر مصدراً غذائياً هاماً للحياة البرية. تنمو هذه النبتة بشكل بطيء، ولكنها تعيش لفترة طويلة قد تصل إلى 500-700 سنة. تنمو هذه النبتة بكثرة في شمال أمريكا وفلوريدا ومناطق أخرى من العالم، ولكنها لا تنمو في الأراضي الأردنية.

 

الجزء المستخدم من نبتة البلميط المنشاري (Saw palmetto) في العلاج

ثمار نبتة البلميط المنشاري الناشفة هي الجزء المستخدم في علاج مرض تضخم البروستات الحميد. تحتوى هذه الثمار على العديد من المواد الفعالة، مثل الأحماض الدهنية (Fatty Acids)، وإسترات الأحماض الدهنية (Fatty Acid Esters)، والفايتوستيرول (Phytosterols)، والكحولات الدهنية(Fatty Alcohols)، والفلافونويدز (Flavonoids)، بالإضافة إلى العديد من السكريات سواء كانت أحادية أو متعددة (Saccharids).

 

ومن الجدير بالذكر أنه من الممكن استخلاص المكونات الفاعلة الموجودة في الثمار، ومن ثم معايرتها وتصنيعها على شكل سائل (شراب)، أو كبسولات، وفي بعض الأحيان على شكل حبوب، مما يُسهل استخدامها في معالجة تضخم البروستات. يعتبر المستخلص الدهني من ثمار نبتة البلميط المنشاري (Lipid\ Sterol Extract of Saw Palmetto Fruit- LESP)  هو الأكثر استخداماً في تصنيع هذه الأشكال الصيدلانية، والذي يتم معايرته من خلال الحصول على تركيز للأحماض الدهنية (Fatty Acids) والستيرولات (Sterols) ما بين 70-95%. ومن الممكن أيضاً أن تُطحن الثمار الجافة لهذه النبتة على شكل بودرة ومن ثم تعبئتها بكبسولات أو ضغطها على شكل حبوب، كما يمكن خلط هذه البودرة بمطحون لنبات آخر مفيد بالعلاج كبذور اليقطين أو جذور القريص. وهنا في الأردن يتوافر في الصيدليات العديد من المنتجات التي تحتوي على مستخلص ثمار نبتة البلميط المنشاري (Saw Palmetto)، والتي من الممكن استخدامها بشكل فعال للتخفيف من أعراض تضخم البروستات الحميد، منها المنتج الأردني السوبال (sawpal®) والذي يتوفر في الصيدليات الأردنية، بينما يعد منتج البيرمكسون (Permixon®) أحد أشهر المنتجات العالمية لهذه النبتة.

 

الاستخدامات الطبية لنبتة البلميط المنشاري (Saw Palmetto)

قامت اللجنة الألمانية (German Commission E)، والتي تم استحداثها خصيصاً للتأكد من سلامة وفعالية النباتات الطبية التي تباع في ألمانيا، بالموافقة على استخدام نبتة البلميط المنشاري (Saw Palmetto) في معالجة أعراض تضخم البروستات الحميد (Benign Prostatic Hyperplasia)، والمثانة العصبية (Irritable bladder)، وذلك بعد التأكد من سلامتها وفعاليتها في علاج هذه الأمراض.

 

مرض تضخم البروستات الحميد

غدة البروستات (Prostate Gland) هي أحد أجزاء الجهاز التناسلي عند الذكور، أي أنها غير موجودة لدى الإناث، وهي تشبه التفاحة بحجمها وشكلها، ويأتي موقعها داخل الجسم أمام المستقيم وأسفل المثانة البولية ويمر من خلالها الإحليل البولي؛ والذي ينقل البول من المثانة إلى خارج الجسم. 

 

يحدث مرض تضخم البروستات الحميد نتيجة لنمو وتضخم تدريجي في حجم الغدة البروستاتية، بالإضافة إلى وجود عوامل أخرى تعمل على زيادة انقباض العضلات الملساء الموجودة في غدة البروستات، وبالتالي زيادة الضغط على المثانة وانسداد الإحليل البولي (Urethra)، لذلك على الرغم من أن هذا تضخم يعتبر حميداً إلا أن المريض يعاني من أعراض ومشاكل صحية ناتجة عن هذا التضخم؛ والتي ستمنعه من ممارسة حياته بالشكل الطبيعي. تنقسم أعراض هذا المرض إلى نوعين، وهما:

 

1) أعراض ناتجة عن تهيج المثانة (Irritative Symptoms)، حيث يعاني المريض من الحاجة المتكررة للتبول وبشكل مفاجئ، بالإضافة إلى الاستيقاظ المتكرر أثناء النوم للقيام بالتبول. 

2) أعراض ناتجة عن انسداد أو تضيق الإحليل البولي بسبب تضخم البروستات حوله (Obstructive Symptoms)، وينتج عن ذلك صعوبة البدء بإدرار البول وتقطع في مساره، بالإضافة إلى عدم القدرة على تفريغ المثانة بشكل كافي؛ مما يؤدي إلى الشعور بأنها ما زالت ممتلئة.

 

في الواقع هناك تفاوت كبير في وصف شدة هذه الأعراض مما يشكل صعوبة في تقيمها من مريض إلى آخر، لذلك يوجد عدة مقاييس عالمية تم إعدادها بحيث يحتوي كل منها على مجموعة من الأسئلة المتعلقة بأعراض هذا المرض، تتم الإجابة عليها من قِبل المريض، وبناءً على الإجابات يتم تقيم شدة الأعراض ما بين خفيفة، أو متوسطة، أو شديدة. ومن الممكن أيضاً استخدام أحد هذه المقاييس لمتابعة حالة المريض أثناء العلاج، وملاحظة التحسن في حالته الصحية.

 

الوسائل المتبعة في معالجة تضخم البروستات الحميد

 

1) الانتظار والمراقبة (Watchful Waiting): في بعض الأحيان تكون حالة المريض خفيفة ولا تؤثر بشكل كبير على حياته اليومية، وفي مثل هذه الحالات من الممكن عدم معالجة المرض؛ وإنما نكتفي فقط بمراقبة حالة المريض بانتظام (كل 6 إلى 12 شهر)، وتقديم النصائح اللازمة له للتخفيف من أعراض المرض، ومنها: الامتناع عن شرب السوائل في الفترة المسائية أو قبل النوم، وتجنب شرب الكحول والمشروبات التي تحتوى على الكافيين كالقهوة والشاي، بالإضافة إلى محاولة تفريغ المثانة بشكل منتظم ومتكرر أثناء اليوم، وعدم تناول الأدوية التي تزيد من أعراض المرض ومحاولة استبدالها بأدوية أخرى أخف ضرراً إن أمكن.

 

2) العلاج الدوائي (Pharmacological Therapy): حتى الآن لا يوجد دواء يعالج هذا المرض وينهي وجوده بشكل تام، فجميع الأدوية المتاحة تعمل فقط على التخفيف من الأعراض المصاحبة له ومنع تطور المرض. وتنقسم الأدوية المستخدمة في العلاج إلى نوعين يختلفان في آلية العمل، والخصائص، والأعراض الجانبية، وهما:

- أدوية توقف عمل الإنزيم المختزل والموجود داخل الغدة  (5α-Reductase Inhibitors)، ومن أشهر الأدوية التابعة لهذه المجموعة فيناستيرايد (Finasteride) ودوتاسيرايد (Dutasteride).

- أدوية تغلق النوع الأول من مستقبلات ألفا (α1- Adrenergic Blockers)، ومن أشهر الأدوية في هذه المجموعة دوكسازوسين (Doxazosin)، وتيرازوسين (Terazosin)، وألفازوسين (Alfuzosin)، وتامسولوسين (Tamsulosin).

 

3) العلاج بالأعشاب: على الرغم من وجود عدد من النباتات التي تعمل على التخفيف من أعراض مرض تضخم البروستات الحميد إلا أن نبتة البلميط المنشاري هي الأكثر فعالية في هذا المجال، حيث أنها تعمل على التخفيف من المشاكل المصاحبة للتبول من خلال عدة آليات، فهي تعمل كمضاد للأندروجين من خلال تثبيط عمل الأنزيم المختزل (5-alpha reductase) وبالتالي تمنع الغدة من الاستمرار بالتكاثر والتضخم، كما تمتلك هذه النبتة القدرة على منع حدوث الالتهابات والتقلصات داخل الغدة البروستاتية، ولكنها لا تستطيع التقليص من حجم الغدة أو التقليل منه. كما يُنصح باستخدامها في بدايات المرض، أي في المراحل المبكرة منه، أما الحالات الأكثر تطوراً فيفضل معالجتها عن طريق الأدوية أو الجراحة، وحسب ما يراه الطبيب مناسباً.

 

4) الجراحة (Surgery): وهي تعتبر الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها معالجة المرض بشكل نهائي، إلا أنه لا ينصح باستخدامها ما لم تكن حالة المريض خطيرة وتستدعي الجراحة، وذلك لما يصاحب الجراحة من أعراض ومخاطر قد تؤثر على حياة المريض.

 

دراسات أثبتت فعالية نبتة البلميط المنشاري (Saw Palmetto) في علاج تضخم البروستات الحميد

هنالك العديد من الدراسات التي أجريت على الحيوانات وأخرى أجريت على الإنسان، والتي أثبتت فعالية نبتة البلميط المنشاري (Saw Palmetto) في علاج تضخم البروستات الحميد، ونذكر منها:

 

1) في عام 2001م، تم عمل مراجعة وتحليل لنتائج 18 دراسة سريريه عشوائية (Randomized Clinical Trials) تم إجرائها على 2939 شخص مصاب بتضخم البروستات الحميد، عشرة من هذه الدراسات قارنت بين استخدام هذه النبتة وعدم استخدامها، وثلاثة منهم قارنت بين استخدام خليط من الأعشاب (منها نبتة البلميط المنشاري) وعدم استخدامه، واثنتين قارنتا بين تناول مستخلص نبتة البلميط المنشاري وبين تناول دواء الفيناستيرايد (Finasteride) المخصص لعلاج هذا المرض. بينت نتائج هذه الدراسات أن الأشخاص الذين استخدموا النبتة أظهروا تحسن كبير مقارنةً بالأشخاص الذين لم يستخدموها، حيث أدت إلى التخفيف من الاستيقاظ أثناء النوم من أجل التبول، ومن الأعراض الأخرى الناتجة عن تهيج المثانة أو تضيق الإحليل، بالإضافة إلى تحسن في تدفق البول. كما تبين أن مفعول استخدام النبتة في التخفيف من أعراض تضخم البروستات الحميد مشابه لمفعول دواء الفيناستيرايد (Finasteride).

 

2) في عام 2002م، أجريت دراسة عالمية عشوائية لمدة سنة واحدة، وكان الهدف منها مقارنة فعالية المستخلص الدهني (Lipid Extract- LESP) من ثمار نبتة البلميط المنشاري مع فعالية دواء التامسولوسين (Tamsulosin) في التخفيف من أعراض تضخم البروستات الحميد. وكانت نتائج هذه الدراسة مشجعة حيث بينت أن استخدام نبتة البلميط المنشاري أدى إلى تحسن في حالة المرضى وتخفيف أعراض المرض إلى حد مماثل لاستخدام دواء التامسولوسين  (Tamsulosin)،حيث زاد تدفق البول فأصبح 1.8مل/ثانية عند استخدام نبتة البلميط المنشاري في العلاج، بينما وصل إلى 1.9 مل/ثانية عند استخدام دواء التامسولوسين في العلاج. علاوةً على ذلك كان هناك نقصان طفيف في حجم غدة البروستات عند استخدام نبتة البلميط المنشاري، ولم يحدث ذلك عند استخدام دواء التامسولوسين.  

 

الطريقة الصحيحة لتناول نبات البلميط المنشاري (Saw Palmetto) لغايات علاج تضخم البروستات الحميد

إذا كانت ثمار هذه النبتة متوافرة وسهلة المنال، من الممكن تناول مقدار 0.5-1 غرام من الثمار الجافة لهذه النبتة أو شرب مغلي هذه الثمار ثلاث مرات يومياً. أما في حال وجود المستخلص الدهني منها، فإن الجرعة المعتادة هي 320 ملغم يومياً، وتؤخذ إما على جرعة واحدة أو تقسم إلى جرعتين أو ثلاث خلال اليوم.

 

الأعراض الجانبية المصاحبة لتناول ثمار نبتة البلميط المنشاري (Saw Palmetto)

من النادر أن يسبب تناول نبتة البلميط المنشاري أعراض جانبية ملموسة، فهي تعد آمنه ومن الممكن احتمالها. ولكن في بعض الأحيان قد تُحدِث اضطرابات بسيطة في المعدة والأمعاء، تظهر على شكل ألم في البطن، أو غثيان، أو إسهال، أو إمساك، أو فقدان للشهية، وللتخفيف من حدوث هذه الأعراض ينصح بتناول مستخلص هذه النبتة بعد الأكل. وفي حالات نادرة قد يصاحب العلاج بثمار هذه النبتة صداع، أو جفاف بالفم، أو حكة.

ولكن من ناحية أخرى يُمنع استخدام هذه النبتة الطبية من قِبل النساء، فليس هناك فائدة تذكر من استخدامها عند الإناث.

 

إعداد: د. زينب يحيى الصبح/ دكتور صيدلة
أ.د. فراس قاسم علعالي

حملة دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى

Please reload

bottom of page