top of page
 
تقنيات جديدة في علاج السكري


 

هناك العديد من الأدوات والأجهزة التي يمكن أن يستخدمها مريض السكري لتساعده على التكيف مع مرضه، والسيطرة عليه بصورةٍ أفضل، ومن أهمها أجهزة تزويد الجسم بجرعة الإنسولين (مثل قلم الإنسولين، ومضخة الإنسولين، وغيرها)، بالإضافة إلى أجهزة قياس مستوى السكر بالدم، والتي تساعد المريض على التأكد من فعالية أدويته، ومدى التحكم بمستوى السكر بالدم لديه. سنتحدث الآن بصورة كاملة عن هذه الأجهزة، وأنواعها، وسنذكر أيضاً فوائدها، ومساوئها إن وجدت.

 

ما الأجهزة المتوافرة لمساعدة المريض على أخذ جرعة الإنسولين؟

كما ذكرنا سابقاً، يُعطى الإنسولين على شكل حقن تحت الجلد، وهذه الطريقة تعتبر مزعجه للمريض، وتسبب له المتاعب والآلام من جراء الإبر التي يجب أن يغرسها المريض في جسده كل يوم؛ لذلك حاول العلماء التخفيف من معاناة مرضى السكري عن طريق ابتكار تقنيات جديدة تعمل على تزويد الجسم بجرعة الإنسولين بشكل دقيق، وبنفس الوقت تخفف من معاناة المريض وآلامه. ومنها:

 

1) قلم الإنسولين (insulin pen): يحتوي هذا القلم بداخله على أنبوبة معبئة بالإنسولين، وفي بعض الأنواع من الممكن استبدال هذه الأنبوبة عندما تفرغ بأخرى ممتلئة، كما يوجد في أحد نهايات القلم جزء مدرج يتم من خلاله تحديد جرعة الإنسولين التي يريد المريض أن يأخذها، وفي النهاية الأخرى يوجد مكان مخصص لتركيب الإبرة على القلم. من فوائد ومميزات قلم الإنسولين أنه سهل الحمل والاستعمال، فلا يحتاج إلى مهارة عالية في استخدامه، كما يزود قلم الإنسولين الجسم بجرعة الإنسولين المطلوبة بدقة عالية دون زيادة أو نقصان. على الرغم من مميزات قلم الإنسولين إلا أنه يعتبر غالي الثمن، وبنفس الوقت يؤدي إلى خسارة 2 وحدة من الإنسولين مع كل جرعة يتم إعطائها، حيث يجب على المريض التأكد من أن القلم يعمل بشكل صحيح قبل كل جرعة يريد أن يأخذها، وذلك عن طريق إطلاق وحدتي إنسولين من القلم قبل كل جرعة. ومن مساوئه أيضاً أنه غير مفيد للمرضى الذين يأخذون أكثر من 80 وحدة من الإنسولين بالجرعة الواحدة، فهو لا يستطيع إخراج أكثر من 80 وحدة من الإنسولين للجرعة الواحدة، كما يجب أن تبقى إبرة القلم مخترقه للجلد لمدة لا تقل عن 5-10 ثواني بعد الضغط على زر الإطلاق، مما يسبب إزعاجاً للمريض.

 

2) أنبوب لحقن الإنسولين تحت الجلد(subcutaneous injection port) : هو عبارة عن جهاز يستخدم للتقليل من عدد الإبر التي يأخذها المريض، حيث يتكون هذا الجهاز من إبرة محاطة بأنبوب بلاستيكي صغير مرن، يتم إدخال الإبرة مع الأنبوب تحت الجلد (في منطقة البطن مثلاً)، وبعد إدخالهما مباشرة يتم إزالة الإبرة ليبقى الأنبوب البلاستيكي مغروساً في الأنسجة الدهنية الموجودة تحت الجلد لمدة 3- 5 أيام، حيث يصبح هذا الأنبوب الصغير معبراً يتم من خلاله أخذ جرعة الإنسولين خلال هذه المدة، ومن ثم يتم استبداله بجهاز جديد، ويأخذ المريض جرعة الأنسولين عن طريق حقنها بداخل فتحة الأنبوب الموجودة على سطح الجلد دون حاجة لاختراق الجلد عند أخذ كل جرعة. من فوائد هذا الجهاز أنه ينهي مشكلة الألم المصاحبة لإعطاء جرعة الإنسولين بشكل نهائي، وفي نفس الوقت يتحسن توزع وامتصاص الإنسولين من منطقة الحقن، كما أن مقدار الانخفاض في مستوى السكر التراكمي (HBA1C) يصبح أفضل عند استخدام هذا الجهاز.

 

3) مضخة الإنسولين (insulin pump): تتكون من جهاز يحتوي على مضخة، ومخزن للإنسولين يمكن استبداله حين يفرغ، حيث يُعلق الجهاز على الملابس، ويتصل الجهاز بمحقنة تكون مغروسة تحت الجلد، يفضل وضعها في منطقة البطن عند البالغين وفي منطقة الأرداف عند الأطفال. تزود هذه المضخة الجسم بالإنسولين سريع المفعول بشكل مستمر، وبكميات تتناسب مع حاجة المريض. من فوائد مضخة الإنسولين:

- باستخدامها يصبح مقدار الانخفاض بمستوى السكر التراكمي أفضل.

- تزود الجسم بالكمية المحددة من الإنسولين وبدقة عالية.

- تعطي المريض مرونة أكبر في تحديد أوقات تناول الوجبات.

- تعتبر خيار جيد للأشخاص الذين لا يحبذون أخذ الإبر.

 

على الرغم من مميزات مضخة الإنسولين المتعددة، إلا أنها لا تخلو من العيوب. فمن مساوئها أنها غالية الثمن، وتعرض المريض لزيادة أكبر بالوزن، كما يجب توعية المريض وتدريبه على آلية استخدام المضخة وكيفية حساب كمية الكربوهيدرات التي تناولها، وكمية الإنسولين اللازمة لتغطية هذه الكمية من الكربوهيدرات، مما يشكل صعوبة على المريض. ومن الممكن أيضاً أن تتوقف المضخة عن العمل لعطل ما دون أن يشعر المريض بذلك، وبالتالي يصبح المريض في غضون 4- 10 ساعات معرض للإصابة بحالة خطيرة تستوجب العلاج المباشر تعرف باسم التحمض الكيتوني السكري (diabetic ketoacidosis).

 

4) مضخة مستقبلية للإنسولين (future insulin pump): مازالت هذه المضخة قيد الإنشاء، ولم تدخل الأسواق حتى الآن، وهي عبارة عن مضخة صغيرة الحجم محمولة على رقعة توضع على الجلد، وتزود الجسم بالإنسولين بشكل مستمر. وما يميزها هو حجمها الصغير، ربع حجم المضخة العادية تقريباً، وبالتالي يمكن وضعها على الجلد دون أن يلاحظها الآخرون، كما أن باستطاعتها أن تزود الجسم بجرعات صغيرة جداً من الإنسولين، بحيث تشبه في عملها الإفراز الطبيعي للإنسولين عن طريق البنكرياس.

 

5) بخاخ الإنسولين (insulin inhaler): حيث تم تصنيع الإنسولين على شكل بودرة ووضعه في بخاخ، ليتم استنشاق جرعة الإنسولين المطلوبة عن طريق الفم، وامتصاصها عبر الرئتين، إلا أن الامتصاص لا يحدث بصورة كاملة  عند استخدام هذا البخاخ، مما يؤدي إلى تراكم جزء من الإنسولين يتراكم في الرئتين، والتأثير على عملهما؛ لذلك تم سحبه من الأسواق عام 2007م.

 

6) إنسولين عن طرق الفم (buccal insulin): وهو عبارة عن بخاخ يتم من خلاله إعطاء جرعة الإنسولين عن طرق الفم، ولكن دون أن يتم ابتلاع الإنسولين أو استنشاقه؛ وإنما يتم امتصاصه من خلال الأنسجة المخاطية الموجودة في الفم والبلعوم، وبالتالي فإنه لن يصل إلى الرئتين. يتم امتصاص جرعة الإنسولين عبر هذه الأنسجة بشكل فعال، حيث يعطي الإنسولين أعلى فعالية له في غضون 10 دقائق، مما يتيح للمريض أن يأخذ جرعة الإنسولين مباشرة قبل تناول أي وجبة. لا يتوافر هذا النوع من الإنسولين في الأسواق حالياً، فهو ما زال تحت الدراسة، ولكن من المحتمل أن يدخل الأسواق بحيث يصبح متاح للاستخدام خلال السنوات القادمة.

 

7) المحقنة النفاثة (jet injectors): لا تحتوي هذه المحقنة على إبر، وبالتالي لا تحدث ثقوب بالجلد، ولكنها تزود الجسم بجرعة الإنسولين عن طريق إحداث ضغط عالي يجبر الإنسولين على اختراق الجلد ليصل إلى الأنسجة الدهنية الموجودة تحته. تكلفة المحقنة النفاثة قليلة نسبياً، ويمكن استخدامها لفترة طويلة، كما أن طريقة استعمالها سهلة وبالتالي تعتبر المحقنة النفاثة خياراً جيداً للأطفال.

 

8) البنكرياس الصناعي (artificial pancreas): وهو عبارة عن جهاز يشبه مضخة الإنسولين إلى حدٍ كبير، ولكنه يحتوي على جهاز يقوم بفحص مستوى السكر بالدم بشكل مستمر؛ وبناءً عليه يقوم بحساب كمية الإنسولين اللازم إعطائها للجسم عبر برنامج حسابي، وبالتالي بعد تركيب هذا الجهاز للمريض سوف يعمل تماماً كالبنكرياس، إلا أنه موجود خارج الجسم وليس بداخله.

 

 

ما الأجهزة المتوافرة لمساعدة مرضى السكري على متابعة مستوى السكر لديهم؟

تم تصنيع العديد من الأجهزة لقياس مستوى السكر بالدم، بأشكال وآليات مختلفة، نذكر منها:

1- الأجهزة التقليدية (traditional glucose monitoring system): وهي الأكثر استخداماً والموجودة في الأسواق بكثرة، يوجد منها عدة أنواع ولكنها تعمل بنفس المبدأ. حيث يضع المريض عينة من الدم تؤخذ من الإصبع على شريحة خاصة، وتركب هذه الشريحة في المكان المخصص لها داخل الجهاز، والذي يقوم بدوره بقياس مستوى السكر بالدم وإظهارها بوقت قصير. تختلف هذه الأجهزة من حيث دقتها في قياس كمية السكر بالدم، ولكن بشكل عام تقل دقة القراءة كلما كان مستوى السكر أعلى، كما أن هناك عدة عوامل قد تؤثر على دقة القراءة التي يعطيها الجهاز، منها: مكان تخزين الشرائح، وحجم عينة الدم المستخدمة، والأخطاء التي قد تحدث أثناء معايرة الجهاز، ودرجة الحرارة الخارجية، ونظافة الجهاز.

 

2- جهاز المتابعة المستمرة لمستوى السكر (continuous glucose monitoring system): هو عبارة عن جهاز متصل برأس استشعار يتم غرسه تحت الجلد، حيث يقوم هذا الجهاز بقياس مستوى السكر بالدم كل خمس دقائق ولمدة 72 ساعة، وبالتالي يستطيع المريض أن يلاحظ مدى تأثير الأطعمة التي يتناولها والأنشطة التي يقوم بها على مستوى السكر في دمه. ومن فوائده أيضاً أنه ينبه المريض إذا ارتفع مستوى السكر لديه فوق حد معين، أو انخفض تحت حد معين، وبالتالي يستجيب المريض لذلك بسرعة أكبر ويبادر لمعالجة حالته قبل تدهور الموقف.

 

3- جهاز قياس السكر التراكمي (HBA1C): بالعادة يقوم المريض بزيارة أحد المختبرات الطبية لقياس مستوى السكر التراكمي لديه. ولكن تم بالآونة الأخيرة تصنيع جهاز يمكن أن يستخدمه المريض لقياس مستوى السكر التراكمي لديه دون الحاجة للذهاب إلى مختبر طبي لإجراء الفحص. فعالية هذا الجهاز عالية، فهو يعطي القراءة في غضون خمس دقائق، ويحتاج فقط لبضع قطرات من الدم لإجراء الفحص، كما أنه سهل الاستعمال والحمل.

 

4- جهاز فحص مستوى الفركتوزامين (fructosamine testing): يعطي تركيز مادة الفركتوزامين فكرة عن معدل مستوى السكر بالدم خلال الأيام القليلة الماضية (10- 14 يوم)، والحد الطبيعي له هو 174- 286 ميكرومول/ لتر. ويستخدم هذا الفحص فقط في الحالات التي لا يمكن فيها الاعتماد على مقدار السكر التراكمي لمتابعة مستوى السكر بالدم، ومنها أن يعاني مريض السكري من مرض فقر الدم، أو أثناء الحمل.

 

5- هاتف لقياس مستوى السكر بالدم (glucophone): هو عبارة عن جهاز خلوي، تم استبدال غِطاء بطاريته بجهاز لفحص مستوى السكر بالدم، وبالتالي يعمل كجهاز خلوي وكجهاز لقياس مستوى السكر بالدم، حيث يستطيع أن يستخدمه المريض في أي مكان لقياس مستوى السكر لديه، ويمكنه أيضاً أن يرسل القراءات إلى قاعدة بيانات أو إلى الطبيب المشرف على علاجه عبر رسالة نصية.

 

6- جهاز قياس السكر عبر الأذن (glucotrack): وهو عبارة عن جهاز متصل بمشبك، يوضع هذا المشبك على شحمة الأذن، حيث يستخدم هذا الجهاز التقنيات الفوق صوتية، والكهرومغناطيسية، والحرارية لقياس مستوى السكر بالدم دون الحاجة إلى ثقب الجلد أو أخذ عينة من الدم.

 

7- شريط قياس مستوى السكر بالدم (glucoband): وهو عبارة عن جهاز قياس للسكر على شكل ساعة يرتديها المريض بمعصمه. ويقوم هذا الجهاز بقياس مستوى السكر بشكل مستمر، دون الحاجة لأخذ عينة من الدم أو إحداث ثقب في الجلد، كما ينبه هذا الجهاز المريض عن طريق إصدار صوت أو إحداث تغيرات في اللون عندما يكون مستوى السكر بالدم عالي بدرجة كبيرة.

 

8- العدسات اللاصقة الذكية (smart contact lenses): تحتوى هذه العدسات اللاصقة على نقطة استشعار موجودة على سطحها، بحيث تستطيع قياس مستوى السكر الموجود في الدموع بشكل مستمر، والذي بحد ذاته يدل على مستوى السكر بالدم. فإذا كان مستوى السكر ضمن الحدود الطبيعية يكون لون العدسات أخضر، ولكن إذا انخفض مستوى السكر يتغير لون العدسات اللاصقة ليصبح لونها أحمر، بينما يتحول لونها إلى أزرق إذا أصبح مستوى السكر مرتفعاً.

 

 

إعداد: د. زينب يحيى الصبح / دكتور صيدلة

بإشراف: د. ساير العزام

حملة دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى

 

Please reload

bottom of page