دكتور صيدلة
نحو رعاية صيدلانية مثلى
التغذية المتوازنة للحامل: فائدة للأم والمولود
تعد التغذية المتوازنة للحامل أفضل ما تقدمه الأم لمولودها المنتظر؛ حيث تؤثر تغذية الحامل بشكل مباشر على التطور الصحي لنمو الجنين وتحميه من التعرض لبعض الأمراض مستقبلاً؛ كالسمنة وارتفاع الكولستورل وارتفاع السكر وتفضيل المأكولات السريعة، كما تحافظ على صحة الأم أثناء الحمل وبعده.
لا نقصد بالتغذية المتوازنة كمية الطعام المستهلكة؛ فمقولة "الحامل يجب أن تأكل عن اثنين" يجب أن لا تستند على كمية الطعام المستهلكة؛ فالحامل لا تحتاج لزيادة أكثر من 300 سعر حراري لغذائها، ولكن نقصد بها نوعية الطعام وما يحتويه من عناصر غذائية قادرة على أن تمد الأم وطفلها بحاجتهما.
وإذا اتبعت السيدة تغذية سليمة، فإن زيادة الوزن المتوقعة لها أثناء الحمل ستتراوح بين 10 و15 كغ؛ منها 20 % فقط دهون مكتسبة بالرحم والثديين وأسفل الجسم، وما تبقى يتوزع بين (وزن الطفل والمشيمة والسائل الأمينوسي والسوائل الأخرى)، ما يعني أن الحفاظ على غذاء متوازن أثناء الحمل سيؤدي الى أن تخسر السيدة حوالي 80 % من الوزن المكتسب أثناء الحمل خلال فترة قصيرة بعد الولادة، وهو شيء مرغوب جداً لدى السيدات، وما تبقى من دهون مكتسبة سيستهلكها الجسم كطاقة أثناء عملية الولادة والإرضاع.
تقسم عملية الحمل الى ثلاثة فصول: الفصل الأول (first trimester) يمتد حتى نهاية الشهر الثالث، والفصل الثاني (second trimester) يمتد حتى نهاية الشهر السادس، والثالث (third trimester) يمتد حتى نهاية الحمل. الفصول الثلاثة التغذية فيها متشابهة الى حد كبير مع وجود احتياجات بسيطة إضافية لكل منها، سيتم إدراجها لاحقا.
الاحتياجات الأساسية في الفصول الثلاثة
من المهم جداً الحفاظ على التنوع الغذائي للحصول على العناصر الغذائية المختلفة، وتتمثل المتطلبات اليومية الموصى عليها بالآتي:
أولاً: 6-11 حصة من الكربوهيدرات والحبوب: الخبز الأسمر والأبيض، والشعير، والأرز، والمعكرونة، والشوفان، والبوشار، وغيرها.
** تعادل الحصة الواحدة من الكربوهيدرات ربع رغيف خبز عربي، أو 4/3 خبز توست صغير، أو 2/1 كوب من المعكرونة أو الأرز وغيرها.
ثانياً: 3 حصص من البروتينات (اللحوم، والدواجن والأسماك والبيض والبقوليات)، وهي ضرورية جداً لنمو أنسجة الجنين بشكل سليم، كما تدعم نمو أنسجة الرحم والثديين أثناء الحمل، تحتاج الحامل من 75 الى 100 غرام يومياً.
** تعادل حصة البروتينات 30 غراما من اللحوم أو الدجاج أو السمك، أو ربع كوب من البقوليات (الفاصولياء، الحمص، العدس، الفول)، أو بيضة واحدة.
ثالثاً: 4 حصص من الألبان ومشتقاتها، وهي مهمة جداً لإمداد الجسم بالكالسيوم اللازم (الحاجة اليومية هي 1000 ملليغرام) لنمو العظام وأسنان الجنين، ففي حالة نقص الكالسيوم بغذاء الأم، سيقوم جسم الأم بإمداد الجنين بحاجته عن طريق إذابة عظام وأسنان الأم. كما تعد الألبان ومشتقاتها مصدرا جيدا للبروتين وفيتامين د.
** تعادل حصة من الألبان كوب (240 مل) من الحليب أو اللبن، أو 45 غراما من الجبنة (شرحتان أو ثلاث شرحات)، أو ملعقتين كبيرتين من اللبنة.
رابعاً: 4 حصص من الخضراوات، و2-4 حصص من الفواكه، وهي ضرورية لإمداد الجسم بالفيتامينات والألياف.
** تعادل حصص الخضراوات والفواكه كوبا من الخضراوات الطازجة أو المطبوخة، أو كأس عصير خضراوات، أو حبة فاكهة متوسطة الحجم، أو كوب فاكهة مقطعة، أو كأس عصير.
خامساً: حصة غنية بفيتامين ج؛ كالبرتقال، والجريب فروت، والفراولة، والبروكلي، والبندورة. تحتاج الحامل إلى 70 ملليغرام يومياً.
سادساً: زيادة استهلاك السوائل، ويفضل تناول الماء أو العصائر الطبيعية الخالية من السكر على المشروبات ذات السعرات الحرارية العالية، يجب شرب 6-8 أكواب من الماء يومياً.
المتطلبات الخاصة بكل فصل
- الفصل الأول من الحمل (بداية الحمل حتى نهاية الشهر الثالث): يرافق هذه المرحلة شعور المرأة بالغثيان والقيء وفقدان الشهية، ولكن يجب أن لا تحرم طفلها من العناصر الأساسية التي يحتاجها، ففي هذه المرحلة يتم تكوين أعضاء الطفل خلال الأسابيع الثمانية الأولى، ويكون تكوين الجنين حساسا للعناصر المستهلكة والسموم وغيرها.
من المهم هنا التطرق لعنصر الفوليك (folic acid)، فهو أحد العناصر المهمة جداً، ويجب البدء باستهلاكه قبل الحمل بثلاثة شهور إذا كان الحمل مخططا له مسبقاً، ويستمر أخذه في الفصل الأول من الحمل لأنه يؤثر على نمو الجهاز العصبي للجنين في هذه المرحلة، فهو يحميه من التشوهات الخلقية المعروفة باسم (spina bifida)، بالإضافة إلى أنه مهم جداً لتقوية مناعة الأم والطفل وحمايتهما من الأمراض. تحتاج الحامل الى 0.4 ملليغرام من الفوليك يومياً، ويمكن توفيرها عن طريق الأوراق الخضراء والبقوليات والحمضيات اذا كانت تمتلك مخزونا كافيا منه، لكن يفضل بالعادة أن يتم صرف أقراص الفوليك بالشهور الأولى لضمان وصول الكمية الكافية المطلوبة.
ويعد الحديد من أهم المعادن التي تحتاج لها الحامل، وتشير الدراسات إلى أن 10 % الى 20 % من السيدات يعانين من انخفاض الحديد أثناء الحمل خصوصاً مع بداية الشهر الثالث، فلا بد أن تضمن الحامل استهلاك 27 ملليغرام من الحديد يومياً يوفرها استهلاك ثلاث حصص من الأغذية الغنية بالحديد؛ كاللحوم والأسماك، والحبوب، والبقوليات، والبيض والمكسرات.
- الفصل الثاني من الحمل (يمتد من نهاية الشهر الثالث حتى نهاية الشهر السادس): يعد هذا الفصل المرحلة الذهبية من الحمل؛ حيث تختفي معظم الأعراض السابقة، ويتميز بظهور علامات البريق والنضارة للشعر وصفاء البشرة، وفي هذه المرحلة، تزداد حاجة الحامل للغذاء نتيجة نمو الجنين، وتصبح بحاجة الى كميات أكبر من البروتين والحديد والكالسيوم والفيتامينات. تجدر الملاحظة أن معظم هذه المواد موجودة بالحليب فيجب التركيز على استهلاكه. في هذه المرحلة أيضاً، يبدأ الجسم بطلب أنواع معينة من الطعام، ولا يجب على الحامل أن تحرم نفسها مما يطلبه جسدها، ولكن في الوقت نفسه، يجب أن تحافظ على الغذاء المتوازن لا أن يقتصر طعامها على ما تطلبه النفس. يجب أن تدعم الحامل أكلها الصحي بالبدء بأخذ أقراص الفيتامينات الخاصة بالحامل (prenatal vitamin supplement) في هذه المرحلة حتى الولادة وقد تستمر عليها أول فترة بعد الولادة.
- الفصل الثالث من الحمل (يمتد من نهاية الشهر السادس وحتى الولادة): في هذه المرحلة، تعود أعراض المرحلة الأولى للظهور نتيجة تمدد الرحم وضغطه على المعدة، ومن أهم مظاهر هذه المرحلة فقدان الشهية، لكن على السيدة الحامل أن تحافظ على تناول وجبات صغيرة متعددة، ويجب أن تركز على الأغذية الغنية بالعناصر الآتية:
* البروتين: يجب أن ترفع الاستهلاك من 1.5 غرام لكل كيلوغرام من وزنها إلى 2 غرام لكل كيلوغرام من وزنها.
* الدهنيات: تحتاج الى نسبة أكبر، ولكن التركيز يجب أن يكون على الدهون غير المشبعة، ومن أفضل مصادرها زيت الزيتون والمكسرات.
* القمح ومشتقاته: يجب استهلاك الأغذية الغنية بالقمح الكامل؛ كالنخالة والخبز الأسمر والتقليل من استهلاك الكربوهيدرات (المعكرونة، والبطاطا، والخبز العادي).
ما الذي يجب أن تتجنبه الحامل؟
- الإكثار من فيتامين A، فإن استهلاك كمية أكثر من 10000 وحدة دولية من فيتامين A قد تؤدي الى تشوهات خلقية بالجنين، خصوصاً خلال الأشهر الثلاثة الأولى، فيجب أن تتجنب الحامل أكل الأغذية الغنية به بشكل يومي واستبداله بنظام يوم بعد يوم، ومن الأغذية الغنية بفيتامين A (الجزر والقرع والشمام والمشمش والسبانخ والبطاطا الحلوة)، وتجدر الإشارة إلى التخفيف من أكل الكبدة لأنها تحتوي على نسبة عالية جداً من فيتامين A.
- الكحول والتدخين: قد يؤديان الى الولادة المبكرة، وتأخر في النمو الجسدي والعقلي للجنين.
- اللحوم والدواجن والأسماك غير المطبوخة جيداً أو النيئة، لما تحتويه من بكتيريا ضارة، وأيضاً تجنب الأجبان الطرية؛ كالفيتا والجبنة المكسيكية غير المبسترة جيداً.
- الشوكولاته والمقرمشات والحلويات المحتوية على الدهون والسكر والملح، وكل ما يحتوي على الألوان الصناعية والإضافات واستبدالها بالفواكه والخضراوات والمكسرات.
- الكافيين: فيجب أن يقل استهلاكه الى 300 ملليغرام باليوم، وتجدر الإشارة إلى أن (كوب القهوة يحتوي 150 ملليغرام من الكافيين، والشاي 80 ملليغرام، والمشروبات الغازية 60 ملليغرام، والشوكولاته 40 ملليغرام).
- المحليات الصناعية التي تحتوي على مادة السكرين (saccharin)، لأنها قادرة على عبور المشيمة، وبالتالي قد تلحق أضراراً بالجنين، ولكن تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة الغذاء والدواء (FDA) أجازت استخدام محليات أخرى؛ مثل الأسبارتم (aspartame)، والسكرلوز (sucrolse) بكميات معتدلة وبعد استشارة الطبيب.
تخفيف بعض أعراض الحمل عن طريق الغذاء
- الغثيان الصباحي: أكل بعض الحبات من البسكويت المملح قبل النهوض من السرير، والابتعاد عن المأكولات الدسمة أو المقلية واستبدالها بالطعام المشوي قليل الدهون.
- حرقة المعدة: تقسيم الأكل إلى وجبات صغيرة متعددة أثناء النهار (ست وجبات في بداية الحمل قد ترتفع إلى تسعة في أشهر الحمل الأخيرة)، شرب القليل من الحليب قبل الوجبة، الابتعاد عن الوجبات الحارة أو المبهرة كثيراً، الابتعاد عن المشروبات الغنية بالكافيين أو الحامضة.
- الإمساك: تناول الخضراوات والفواكه، وشرب 6-8 أكواب من الماء يومياً.
- الإسهال: زيادة استهلاك الأطعمة التي تحتوي على(البكتين أو المواد الصمغية؛ مثل قشر التفاح، والموز، والأرز الأبيض، والشوفان، وخبز القمح المكرر.
إعداد: د. ولاء ابراهيم أبو الهيجاء/ دكتور صيدلة
إشراف: د. خولة نصير
حملة دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى