top of page
 
الأدوية أثناء الحمل: بين الحاجة لها والخوف منها

يرتبط الحمل بحدوث العديد من المشاكل الصحية، ولا تكاد سيدة حامل إلا وتعاني من واحدة أو أكثر من هذه المشاكل، ويخطر ببال العديد من الحوامل محاولة استخدام الأدوية للتخفيف من معاناتهن أثناء الحمل.ولكن الخوف من تأثير الدواء على الجنين قد يجبرها على تحمل الألم لتجنب أي ضرر قد يحدث للجنين.
وهذه أهم المفاهيم الخاصة بالأدوية أثناء فترة الحمل والأمور التي يجب مراعاتها عند استخدام الأدوية أثناء الحمل.


هل يجب معالجة المشاكل والأمراض الصحية أثناء الحمل؟
قد تتعرض الحامل خلال فترة الحمل إلى مشاكل صحية مؤقتة، كالرشح أو التهاب القصبات أو ظهور سكري الحمل أو ارتفاع ضغط الدم، وقد تكون الحامل مصابة بأحد الأمراض المزمنة كالسكري أو الضغط أو الروماتيزم وغيرها من الأمراض التي تحتاج لعلاج ومتابعة حتى أثناء الحمل. إضافةً إلى ذلك يرتبط الحمل بظهور أعراض مزعجة كالشعور بالغثيان والقيء والإمساك والدوار وغيرها.
في الواقع جميع هذه الأعراض والمشاكل الصحية بحاجة لعلاج خصوصاً أثناء فترة الحمل، لأن استمرار معاناة الحامل وعدم السيطرة على الأمراض سيؤثر سلباً على صحة الأم والجنين، وقد يؤدي لمضاعفات كالإجهاض أو ظهور تشوهات أو بطئ نمو الجنين.
ومن جهة أخرى، يجب الانتباه أن الأدوية ليست جميعها آمنه أثناء الحمل، فبعضها يسبب تشوهات للجنين، وبعضها قد يسبب الإجهاض، وبعضها يؤثر على صحة الجنين والأم، لذلك يجب استشارة الصيدلاني أو الطبيب قبل استخدام أي دواء أثناء الحمل
.


تصنيفات الأدوية حسب تأثيرها على الجنين والأم
تصنف الأدوية حسب درجة آمنها وتأثيرها على الجنين أثناء الحمل إلى خمس فئات رئيسية، وهذا التصنيف معتمد من قبل مؤسسة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، ويهدف إلى تسهيل مهمة الأطباء والكوادر الطبية في تحديد درجة أمان أي دواء على الجنين عند استخدامه من قبل الحامل. يعتمد تصنيف كل دواء على الدليل العلمي المتوافر من الدراسات التي أجريت على الحيوانات أو التي أجريت على الإنسان حول مدى تأثير الدواء على الجنين والأم، وفيما يلي توضيح لهذه الفئات: 
- أدوية تنتمي للفئة (A): وهي أدوية آمنة ولا تسبب أي ضرر للجنين أو الأم، وتم إثبات ذلك من خلال الدراسات السريرية التي أجريت على الإنسان.
- أدوية تنتمي للفئة (B): وهي أدوية آمنة على الجنين والأم الحامل وتم إثبات درجة أمانها من خلال دراسات أجريت على الحيوانات، وبدون وجود دراسات سريرية كافية على الإنسان للتأكد من ذلك. كما تشمل أدوية أثبتت الدراسات على الإنسان عدم ارتباطها بأي ضرر على الجنين والأم، بالرغم من وجود دراسات سابقة على الحيوانات تظهر وجود ضرر على الأجنة.
- أدوية تنتمي للفئة (C): وهي أدوية تبين أن لها تأثير سلبي على أجنة الحيوانات، ولا يوجد دراسات على الإنسان تدعم سلامتها، كما تضم الأدوية التي لا يتم دراسة تأثيرها على الجنين من خلال دراسات على الحيوان أو الإنسان. لذلك يفضل عدم استخدام هذه الأدوية من قبل الحامل إلا إذا كانت الفائدة المرجوة منها أكبر من الضرر المتوقع.
- أدوية تنتمي للفئة (D): وهي أدوية تم إثبات ضررها على الجنين من خلال دراسات سريرية أجريت على الإنسان، وبالتالي لا يمكن استخدامها أثناء الحمل إلا إذا كانت الحالة المرضية لدى الأم تستدعي ذلك ولا يمكن علاجها بأي دواء بديل.
- أدوية تنتمي للفئة (X): وهي أدوية تشكل خطرا محتما على الجنين ويؤدي لحدوث تشوهات جنينية، وتم إثبات ضررها من خلال الدراسات الحيوانية والدراسات السريرية على الإنسان، ولذا يمنع استخدام هذه الأدوية أثناء الحمل تحت أي حال من الأحوال.


العوامل المؤثرة في تأثير الدواء على الجنين
- الوقت التي يؤخذ فيه الدواء بالنسبة لفترة الحمل، فمن المعروف أن مدة الحمل تقسم إلى ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى هي الثلث الأول من الحمل، والمرحلة الثانية تشكل الثلث الثاني، والمرحلة الثالثة هي الثلث الأخير من الحمل. وقد وجد علمياً أن تأثير الدواء ومدى خطورته على الجنين تختلف باختلاف مرحلة الحمل، كالآتي:
* المرحلة الأولى: تعد الفترة الأكثر حرجاً؛ حيث تتكون فيها أعضاء الجنين وأجهزته الحيوية، واستخدام الأدوية فيها قد يرتبط بحدوث تشوهات جنينية، ولذا يفضل عدم استخدام أي دواء فيها باستثناء تلك التي تتبع لفئة (A) و(B).
* المرحلة الثانية: وفيها تستمر بعض الأعضاء بالتكون والنمو، ولكنها بالمجمل تعد أقل فترات الحمل حرجاً من ناحية التأثير السلبي للأدوية على الجنين، ومع ذلك لا يجوز استخدام الأدوية التي وجد أن أنها تسبب تشوهات خلقيه أو وفاة الجنين خلال هذه المرحلة.
* المرحلة الثالثة: في هذه الفترة تكون أغلب أعضاء الجنين قد اكتملت باستثناء الأعضاء التناسلية والدماغ، ولذا تكون احتمالية حدوث التشوهات الناتجة عن استخدام الأدوية أقل ما يمكن في هذه المرحلة. لكن أيضاً يصبح انتقال الأدوية من جسم الأم إلى الجنين عبر المشيمة سهلاً في هذه المرحلة، وذلك قد يعرض الجنين لنوع آخر من الضرر كالتخلف العقلي أو الاعتلال العصبي وغيرها.
لذلك يجب تجنب الأدوية النفسية والمهدئات في هذه الفترة من الحمل لأنها قد تسبب تخلفاً عقلياً أو مشاكل دماغية تؤدي إلى وفاة الجنين قبل الولادة أو بعدها. كما يمكن ملاحظة أعراض انسحابية شديدة لدى الأطفال حديثي الولادة الذين ولدوا لأمهات مدمنات.
كما نلاحظ، فإن تأثير بعض الأدوية على الجنين يختلف باختلاف مرحلة الحمل، بينما نجد أدوية أخرى لها ضرر على الجنين في جميع مراحل الحمل مثل الهرمونات الأنثوية والهرمونات الذكورية، وهناك أدوية تعد آمنة كلياً خلال الحمل، مثل الحديد وحمض الفوليك والبنسلين ومشتقاته وبعض الفيتامينات، ولكن يفضل عدم استخدامها إلا باستشارة الطبيب.
- قابلية الدواء للانتقال عبر المشيمة والوصول للجنين.
- جرعة الدواء ومدة استخدامه، فبعض الأدوية تعد آمنة على جرعات معينة، ولكنها تشكل خطراً على جرعات عالية أو إذا تم تناولها لفترة طويلة.
- الحالة المرضية للأم، فبعض الأمراض تحدث تغييرات في نفاذية المشيمة، مما يسهل عبور الأدوية إلى الجنين فيزداد خطرها.
- تدفق الدم للرحم: مع تقدم الحمل يزداد تدفق الدم للرحم، وبذلك تزداد كمية الدواء المنتقلة للجنين عبر الدم، وهناك عوامل عديدة قد تزيد من جريان الدم الرحمي كإصابة الأم بارتفاع ضغط الدم أو تناولها لأنواع معينة من الأدوية.


الاستخدام الآمن للأدوية أثناء الحمل
استخدام الأدوية خلال الحمل قد يكون ضرورياً وله حاجة ملحة تستدعي استخدامه، كما أن هناك أدوية تشكل خطراً على الجنين، هناك أدوية أخرى عديدة تعد آمنة بل ومهمة في بعض الحالات لضمان سلامة الأم والجنين خلال فترة الحمل، من ضمنها نذكر:
* الفيتامينات والمعادن أو ما يسمى بالمكملات الغذائية، فغالباً ما تحتاجها الحامل لتلبية حاجة الجنين وضمان نموه بشكل السليم، وعادةً ما تصرف هذه المكملات للحامل من قبل الطبيب مع بداية الحمل.
* أدوية تؤخذ قبل الحمل: مثل حمض الفوليك، والذي يجب أن تأخذه كل سيدة تخطط للحمل قبل ثلاثة أشهر والاستمرار بتناوله خلال الأشهر الأولى من الحمل، لأهميته في حمايته الجنين من الإصابة بالاعتلال العصبي المسمى بالصلب المشقوق.
* أدوية لعلاج الأمراض المزمنة الموجودة قبل الحمل أو التي تحدث أثناء الحمل: كالسكري أو ارتفاع ضغط الدم أو الربو، ولا بد من علاج هذه الأمراض والسيطرة عليها. ففي حالة السكري يعد الإنسولين الخيار الأفضل والأكثر أماناً. أما لارتفاع ضغط الدم فهناك العديد من الأدوية الآمنة التي يمكن استخدامها أثناء الحمل لخفض الضغط. الخافضة للضغط تعد آمنة أثناء الحمل ويمكن استخدامها، بينما يمنع استخدام أدوية أخرى أثناء الحمل، والطبيب هو ما يحدد الدواء الأنسب للحامل. وفي حالات الربو يفضل تناول البخاخات الموسعة للشعب الهوائية مثل الفنتولين (Ventoline) أو بخاخات الكورتيزون.
* الأدوية المسكنة للألم: يعد الريفانين أو البنادول، أو ما يعرف علمياً بالباراسيتامول (Paracetamol)، الدواء الأنسب لتسكين الألم أو لخفض الحرارة أثناء الحمل مع الاعتدال بالاستخدام.
ومن جهة أخرى، يجب تجنب استخدام المسكنات من عائلة مضادات الالتهابات غير الستيرويدية مثل الأسبرين والبروفين والفولتارين وغيرها، لأنها تسبب أضرار كلوية وقلبية للجنين، كما لها تأثير مرخي لعضلة الرحم قد يسبب تأخير الولادة أو المخاض.
* الأدوية المضادة للغثيان والقيء: يعد فيتامين ب6 ودواء ميسيلزين(Meclizine) من الأدوية الآمنة والمستخدمة لعلاج الغثيان والقيء المصاحب للحمل. أما دواء المتكلوبراميد (Metocolpramide) فيعد آمنا خلال الحمل، ولكن قد يسبب اضطرابات عصبية وحركية تتضح على المرأة إذا طالت مدة استعماله.
* المضادات الحيوية: بعض المضادات الحيوية تعد آمنة ويمكن تناولها مثل المضادات من عائلة البنيسلين والسيفالوسبوين والأزيثروميسين (Azithromycin). بينما يمنع استخدام المضادات الحيوية من عائلة الكوينولون (Quinolones) وتلك من عائلة التتراسيكلين (Tetracyclines) لتسببها بحدوث تشوهات جنينية مختلفة.
مما سبق يتضح أن على كل أم حامل أن تستشير الطبيب أو الصيدلاني بخصوص الأدوية التي تتناولينها، بما يشمل الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب أو التي تؤخذ بدون وصفة طبية وكذلك المكملات الغذائية والعشبية. فالواجب أخذ الحيطة والحذر عند استعمال الدواء من قبل الحامل، مع مراعاة عدم حرمانها من العلاج، ويمكن مناقشة السيدة بما يخص أدويتها وتأثيرها على جنينها لتشارك الطبيب في اتخاذ القرار المناسب لها.

 

إعداد: الدكتورة الصيدلانية زينب الصبح
إشراف: أ.د. فراس علعالي
حملة "دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى"
كلية الصيدلة_جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

Please reload

bottom of page