top of page
 
سكري الحمل: الأسباب وطرق الوقاية والعلاج
 

يعد سكري الحمل أحد أنواع مرض السكري ومن أصعب المشاكل الصحية التي قد تتعرض لها المرأة أثناء الحمل؛ حيث تبلغ نسبة الإصابة بسكري الحمل بين النساء حول العالم 17 %، حسب دراسة أجريت في العام 2010، وتختلف هذه النسبة من منطقة إلى أخرى ومن شعب إلى آخر، ففي كل عام تصاب حوالي 135.000 من النساء الحوامل بسكري الحمل في الولايات المتحدة الأميركية لأسباب غير واضحة.
يعرف سكري الحمل أنه حالة مؤقتة من مرض السكري يصيب المرأة أثناء فترة الحمل لأول مرة، وغالباً ما يحدث في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، ويختفي بعد الولادة مباشرة.

 

أسباب الإصابة بسكري الحمل
السبب الحقيقي لحدوث سكري الحمل غير واضح حتى الآن، ولكن هناك العديد من العوامل التي تسهم في الإصابة بالمرض، ومن أهمها الهرمونات التي تفرزها المشيمة أثناء الحمل مثل الاوكسيتوسين ((Oxytocin، والاستروجين (estrogen) والبروجسترون (progesterone)، التي تسبب ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم (سكر الدم) بشكل لا يمكن للبنكرياس الحد منه.

 

من جهة أخرى، هناك عوامل مختلفة تسهم في زيادة احتمالية الإصابة بسكري الحمل ومن أهمها:
- السمنة (مؤشر كتلة الجسم < 30كغ/متر2) أو زيادة الوزن بشكل كبير أثناء الحمل.
- الحمل على عمر أكبر من 25 عاماً.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بسكري الحمل، وخصوصاً للأقارب من الدرجة الأولى (الأم أو الأخت).
- الإصابة بسكري الحمل في حمل سابق للمرأة نفسها.
- وجود تاريخ لولادات سابقة نتج عنها أطفال يتجاوز وزنهم 4.1 كغم.
- اكتشاف وجود جلوكوز بالبول في أول زيارة للطبيب بعد الحمل.
- أن تعاني المرأة من مشاكل صحية ذات علاقة بمرض السكري كمتلازمة تكيس المبايض أو ارتفاع ضغط الدم أو استخدام الأدوية الستيرودية كالكورتيزون.
ولا بد من التذكير أنه إذا كانت المرأة تملك عاملين أو أكثر من هذه العوامل، يجب عليها إجراء فحص للسكري بمجرد اكتشاف حملها، لتفادي أي مضاعفات قد تحدث عن هذا المرض.

 

أعراض سكري الحمل
في أغلب الحالات، لا تعاني الحامل من أعراض محددة وواضحة، لذلك لا تستطيع أن تكتشف بنفسها إصابتها بالمرض بدون إجراء الفحوصات اللازمة. لكن من الأعراض التي قد تظهر على الأم وخصوصاً في الأشهر الأخيرة من الحمل ما يلي:
1 - العطش الشديد.
2 - كثرة التبول. 
3 - الجوع المتكرر.
4 - عدم وضوح الرؤية، نتيجة السوائل المتراكمة على شبكية العين. 

ويذكر أن وجود مثل هذه الأعراض لا يعني أبداً الإصابة بالمرض، وقد يسبب الحمل مثل هذه الأعراض، لذلك يجب مراجعة الطبيب عند ظهور مثل هذه الأعراض للاطمئنان.

 

الكشف عن سكري الحمل
على المرأة الحامل مراجعة الطبيب بين الأسبوع 24-28 من الحمل، لإجراء الفحص اللازم لكشف سكري الحمل، ويسمى فحص تحدي الجلوكوز، ولا يشترط فيه الصوم عن الطعام والشراب؛ إذ تقوم الحامل بتناول شراب حلو يحتوي على 50غم من الجلوكوز، ثم تؤخذ عينة من دم الأم بعد مرور ساعة، فإذا كانت نسبة السكر في الدم أكثر من 140 ملغم/ديلسيتر، يجب إجراء فحص آخر، للتأكد من إصابتها بسكري الحمل ويسمى فحص تحمل الجلوكوز، وهنا يشترط الصيام لمدة تتراوح بين 8 و14 ساعة قبل الفحص، وتتناول فيه الحامل شرابا يحتوي على 100 غم من الجلوكوز وتؤخذ منها أربع عينات من الدم؛ الأولى قبل تناول الشراب والثانية بعد مرور ساعة والثالثة بعد مرور ساعتين والرابعة بعد مرور ثلاث ساعات، وبناء على النتائج يقرر الطبيب ما إذا كانت مصابة بسكري الحمل.

 

مضاعفات سكري الحمل
عدم السيطرة على سكري الحمل ومعالجته قد يؤدي إلى العديد من المضاعفات التي تصيب الأم وطفلها، ومن أهمها:
- العملقة: وتعني ولادة الطفل بوزن مفرط، أي طفل كبير جداً.
- الولادة المبكرة: وفي أغلب الأحيان تكون الولادة عبر العملية القيصرية، لعدم قدرة الطفل على المرور خلال قناة الولادة، أو لتلافي إصابة الطفل خلال الولادة العادية.
- متلازمة الضائقة التنفسية: نتيجة الولادة المبكرة قد يولد الطفل قبل أن يكتمل نمو أجهزته، مثل الجهاز التنفسي ويصاب بصعوبة في التنفس. 
- انخفاض نسبة الجلوكوز في دم الطفل بعد الولادة مباشرة، أي هبوط في سكر الدم.
- اليرقان.
- اضطرابات في نسبة الكالسيوم والمغنيسوم في الدم.
- إصابة الأم بتسمم الحمل نتيجة الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم، واحتمال إصابتها وطفلها بالسمنة والسكري من النمط الثاني في المستقبل.

 

علاج سكري الحمل
يهدف العلاج في هذه الحالة إلى المحافظة على نسبة السكر ثابتة أو قريبة من المعدل الطبيعي، ويتم ذلك باتباع الإجراءات الآتية:
- الحمية الغذائية الصحية والمتوازنة: وتتضمن تناول الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والتقليل من تناول الدهون والسكريات. ويفضل استشارة أخصائي تغذية للمساعدة في تحديد أنواع الأطعمة المغذية والمفيدة للأم وطفلها، وتتناسب في الوقت نفسه مع وضعها الصحي ومتطلبات الحمل.
- ممارسة الرياضة بشكل مستمر ومنتظم من قبل الحامل: ويكون ذلك تحت إشراف طبيب مختص يساعد في تصميم برنامج رياضي آمن للأم والجنين. بشكل عام يعد المشي والسباحة وركوب الدراجة خيارات مناسبة للأم الحامل، بالإضافة إلى الأعمال المنزلية وغيرها، فالرياضة تقلل من نسبة السكر في الدم، وتخفف من الآلام الولادة والمخاض والآم الظهر والإمساك لدى الحامل.
- العلاج الدوائي بالإنسولين: عندما تكون نسبة السكر في الدم عالية، ولا يمكن السيطرة على المرض من خلال الحمية الغذائية والرياضة، يلجأ الطبيب إلى وصف الأنسولين لخفض نسبة السكر وإبقائه ضمن المعدل الطبيعي. يعد العلاج بحقن الأنسولين من أكثر الأدوية أمناً وفاعلية في فترة الحمل. في بعض الأحيان قد يكون العلاج بالإنسولين غير مريح ومكلف لدى كثير من النساء، هنا قد يلجأ الطبيب لصرف أدوية أخرى للمريضة ومنها أنواع معينة من الحبوب الفموية الخافضة لنسبة السكر في الدم كالميتفورمين.

 

طرق الوقاية من سكري الحمل
يمكن للمرأة أن تحمي نفسها وطفلها من سكري الحمل، ويمكن للأم التي أصيبت بسكري الحمل من قبل الانتباه لكيفية التعامل معه وتجنب الإصابة به مرة أخرى، وذلك من خلال:
- المحافظة على الوزن ضمن المعدل الطبيعي قبل الحمل وبعده، والعمل على فقدان الوزن الزائد.
- المحافظة على ممارسة الرياضة بانتظام في معظم أيام الأسبوع. وتشير الدراسات إلى أنه مهما كان نوع الرياضة (خفيف أو معتدل)، فإنها تسهم وبشكل فعال في الحد من خطر الإصابة بسكري الحمل.
- الالتزام بخطة غذائية متوازنة وصحية، فقد أثبتت الدراسات أن النساء اللواتي يتناولن كميات كبيرة من الدهون الحيوانية قبل الحمل معرضات للإصابة بسكري الحمل بشكل كبير، مقارنة بأولئك اللواتي يتناولن كميات أقل من الدهون. أيضا لوحظ أن تناول الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من الكولسترول يزيد احتمالية الإصابة بالمرض بنسبة 45 %.

 

بالإضافة إلى كل ذلك، فإن الأم التي أصيبت بمرض سكري الحمل أثناء حمل سابق يجب عليها أن تتابع حالتها بانتظام عند الطبيب المختص، وتعمل على إجراء فحوصات منتظمة لنسبة السكر في الدم. فعلى الرغم من أن سكري الحمل يختفي بعد فترة وجيزة من الولادة، إلا أن المرأة تبقى معرضة بنسبة كبيرة للإصابة بسكر الحمل في كل حمل مستقبلي بنسبة (60 %- 90 %)، أو الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة  40 %- 60 %، لذلك يجب على الأم بعد الولادة متابعة مستوى السكر في الدم بانتظام، والفحص الدوري من قبل الطبيب المختص، والمداومة على الرياضة بانتظام والغذاء الصحي المتوازن لتجنب الإصابة بسكري الحمل في الحمل المقبل.
والجدير بالذكر أن للصيدلاني والصيدلاني السريري دورا مهما في توعية وتثقيف المرضى المصابات بسكري الحمل والمعرضات له؛ حيث يمكن اللجوء إليه لطلب المشورة اللازمة حول المرض وكيفية التعامل معه وأسلوب الحياة الصحي الواجب اتباعه، بالإضافة إلى إمكانية استشارته بخصوص قراءات السكر عند المريضة والأسلوب الأمثل لأخذ الأدوية والالتزام بها.


 

 

إعداد: رغد عمر محاسيس
إشراف: د. زينب يحيى الصبح
حملة "دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى"

Please reload

bottom of page